للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحب لذرية غيره من المؤمنين ما يحب لذريته. وأن على وليّ اليتيم أن لا يؤذي اليتيم. بل يكلمه كما يكلم أولاده بالأدب الحسن والترحيب. ويدعوا اليتيم: يا بنيّ، يا ولدي. وقد جاء في الرقة على الأيتام آثار كثيرة.

وفي الآية إشارة إلى إرشاد الآباء، الذي يخشون ترك ذرية ضعاف، بالتقوى في سائر شؤونهم حتى تحفظ أبناؤهم وتغاث بالعناية منه تعالى. ويكون في إشعارها تهديد بضياع أولادهم إن فقدوا تقوى الله تعالى. وإشارة إلى أن تقوى الأصول تحفظ الفروع. وأن الرجال الصالحين يحفظون في ذريتهم الضعاف. كما في آية:

وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحاً [الكهف: ٨٢] ، إلى آخرها. فإن الغلامين حفظا، ببركة صلاح أبيهما، في أنفسهما ومالهما.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٠]]

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً (١٠)

إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً أي على وجه الظلم من الورثة، أو أولياء السوء وقضاته، بخلاف أكل الفقير الناظر في أموالهم بقدر أجرته، كما تقدم إِنَّما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً أي ما يجرّ إلى النار ويؤدّي إليها وَسَيَصْلَوْنَ أي في القيامة سَعِيراً أي نارا مستعرة.

روى ابن حبان في (صحيحه) وابن مردويه وابن أبي حاتم عن أبي برزة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم قال: يبعث يوم القيامة قوم من قبورهم تأجج أفواههم نارا. قيل: يا رسول الله! من هم؟ قال: ألم تر أن الله قال: إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً، الآية.

[لطيفة:]

قال الزمخشريّ: في بطونهم، أي ملء بطونهم. يقال: أكل فلان في بطنه وفي بعض بطنه. قال الشاعر:

كلوا في بعض بطنكمو تعفوا ... فإن زمانكم زمن خميص

قال الناصر: ومثله: قد بدت البغضاء من أفواههم أي شرقوا بها وقالوها بملء أفواههم. ويكون المراد بذكر البطون تصوير الأكل للسامع حتى يتأكد عنده بشاعة

<<  <  ج: ص:  >  >>