للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا الجرم بمزيد تصوير. ولأجل تأكيد التشنيع على الظالم لليتيم في ماله، خص الأكل. لأنه أبشع الأحوال التي يتناول مال اليتيم فيها. والله أعلم.

[تنبيه:]

روى أبو داود «١» والنسائي والحاكم وغيرهم أنه لما نزلت هذه الآية انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه. فجعل يفضل له الشيء من طعامه، فيحبس له حتى أكله أو يفسد. فاشتد عليهم ذلك. فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى: يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ [البقرة: ٢٢٠] .

الآية. فخلطوا طعامهم بطعامه وشرابهم بشرابه. وقد مضى ذلك في سورة البقرة.

قال الرازيّ رحمه الله: ومن الجهال من قال: صارت هذه الآية منسوخة بتلك.

وهو بعيد. لأن هذه الآية في المنع من الظلم. وهذا لا يصير منسوخا. بل المقصود أن مخالطة أموال اليتامى، إن كان على سبيل الظلم، فهو من أعظم أبواب الإثم. كما في هذه الآية. وإن كان على سبيل التربية والإحسان، فهو من أعظم أبواب البر، كما في قوله: وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ.

وقال رحمه الله قبل ذلك: ما أشد دلالة هذا الوعيد على سعة رحمته تعالى وكثرة عفوه وفضله. لأن اليتامى لما بلغوا في الضعف إلى الغاية القصوى، بلغت عناية الله بهم إلى الغاية القصوى. وقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١١]]

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (١١)

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ شروع في تفصيل أحكام المواريث المجملة في


(١) أخرجه أبو داود في: الوصايا، ٧- باب مخالطة اليتيم في الطعام، حديث ٢٨٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>