للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى لِلرِّجالِ نَصِيبٌ إلخ. قال الحافظ ابن كثير: هذه الآية الكريمة والتي بعدها والآية التي هي خاتمة هذه السورة، هن آيات علم الفرائض. وهو مستنبط من هذه الآيات الثلاث، ومن الأحاديث الواردة في ذلك مما هو كالتفسير لذلك. انتهى.

والمعنى: يأمركم الله ويعهد إليكم في شأن ميراث أولادكم بعد موتكم لِلذَّكَرِ أي منهم مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ أي نصيبهما اجتماعا وانفرادا. أما الأول فإنه يعدّ كل ذكر بأنثيين. في مثل ابن مع بنتين. وابن ابن مع بنتي ابن. وهكذا في السافلين.

فيضعف نصيبه ويأخذ سهمين. كما أن لهما سهمين. وأما الثاني فإن له الكل وهو ضعف نصيب البنت الواحدة. لأنه جعل لها في حال انفرادها النصف. فاقتضى ذلك أن للذكر، عند انفراده، مثلي نصيبها عند انفرادها، وذلك الكامل. فالمذكور هنا ميراث الذكر مطلقا. مجتمعا مع الإناث ومنفردا. كما حققه صاحب (الانتصاف) .

[تنبيه:]

قال السيوطيّ: استدل بالآية من قال بدخول أولاد الابن في لفظ (الأولاد) للإجماع على إرثهم، دون أولاد البنت.

[لطائف:]

الأولى: وجه الحكمة في تضعيف نصيب الذكر هو احتياجه إلى مؤنة النفقة ومعاناة التجارة والتكسب وتحمل المشاق. فهو إلى المال أحوج. ولأنه لو كمل نصيبها، مع أنها قليلة العقل، كثيرة الشهوة لأتلفته في الشهوات إسرافا. ولأنها قد تنفق على نفسها فقط، وهو على نفسه وزوجته.

الثانية: لم يقل: للذكر ضعف نصيب الأنثى، لأن الضعف يصدق على المثلين فصاعدا. فلا يكون نصّا. ولم يقل: للأنثيين مثل حظ الذكر، ولا للأنثى نصف حظ الذكر، تقديما للذكر بإظهار مزيته على الأنثى، ولم يقل: للذكر مثلا نصيب الأنثى، لأنه المثل في المقدار لا يتعدد إلا بتعدد الأشخاص. ولم يعتبر هاهنا.

الثالثة: إيثار اسمي (الذكر والأنثى) على ما ذكر أولا من الرجال والنساء، للتنصيص على استواء الكبار والصغار من الفريقين في الاستحقاق، من غير دخل للبلوغ والكبر في ذلك أصلا. كما هو زعم أهل الجاهلية حيث كانوا لا يورّثون الأطفال، كالنساء.

الرابعة: استنبط بعضهم من هذه الآية أنه تعالى أرحم بخلقه من الوالدة

<<  <  ج: ص:  >  >>