للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهب الجمهور إلى أن الأم تحرم بالعقد على البنت ولا تحرم البنت إلا بالدخول بالأم، قالوا: الاشتراط إنما هو في أمهات الربائب.

وروي في ذلك عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجل نكح امرأة فلا يحل له نكاح ابنتها. وإن لم يكن دخل بها فلينكح ابنتها. وأيما رجل نكح امرأة فلا يحل له أن ينكح أمها. دخل بها أو لم يدخل. أخرجه الترمذي «١» .

قال الحافظ ابن كثير: هذا الخبر غريب، وفي إسناده نظر. وقال الزجاج: قد جعل بعض العلماء اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ وصفا للنساء المتقدمة والمتأخرة. وليس كذلك. لأن الوصف الواحد لا يقع على موصوفين مختلفي العامل. وهذا، لأنّ النساء الأولى مجرورة بالإضافة. والثانية ب (من) ولا يجوز أن تقول: مررت بنسائك وهربت من نساء زيد الظريفات، على أن تكون الظريفات نعتا لهؤلاء النساء ولهؤلاء النساء.

قال الناصر في (الانتصاف) : والقول المشهور عن الجمهور، إبهام تحريم أم المرأة، وتقييد تحريم الربيبة بدخول الأم. كما هو ظاهر الآية. ولهذا الفرق سر وحكمة. وذلك لأن المتزوج بابنة المرأة لا يخلو بعد العقد وقبل الدخول من محاورة بينه وبين أمها، ومخاطبات ومسارّات. فكانت الحاجة داعية إلى تنجيز التحريم ليقطع شوقه من الأم فيعاملها معاملة ذوات المحارم. ولا كذلك العاقد على الأم فإنه بعيد عن مخاطبة بنتها قبل الدخول بالأم. فلم تدع الحاجة إلى تعجيل نشر الحرمة.

وأما إذا وقع الدخول بالأم فقد وجدت مظنة خلطة الربيبة. فحينئذ تدعو الحاجة إلى نشر الحرمة بينهما. والله أعلم.

الثاني- استدل بقوله تعالى: اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ من لم يحرم نكاح الربيبة الكبيرة والتي لم يربّها.

روى ابن أبي حاتم عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: كانت عندي امرأة فتوفيت وقد ولدت لي. فوجدت عليها. فلقيني علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقال: مالك:؟ فقلت: توفيت المرأة. فقال: لها ابنة؟ قلت: نعم.


(١) أخرجه الترمذي في: النكاح، ٢٦- باب ما جاء فيمن يتزوج المرأة ثم يطلقها قبل أن يدخل بها، هل يتزوج ابنتها، أم لا؟
(قال أبو عيسى) : هذا حديث لا يصح من قبل إسناده. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، قالوا: إذا تزوج الرجل امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل بها، حل له أن ينكح ابنتها. وإذا تزوج الرجل الابنة فطلقها قبل أن يدخل بها، لم يحل له نكاح أمها، لقول الله تعالى: وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ وهو قول الشافعيّ وأحمد وإسحاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>