للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما فيه من اتباع الولد الأم في الرق، ولثبوت حق المولى فيها وفي استخدامها. ولأنها ممتهنة مبتذلة خرّاجة ولّاجة. وذلك كله نقصان راجع إلى الناكح، ومهانة. والعزة من صفات المؤمنين. وسيأتي مزيد لهذا عند قوله تعالى وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وقوله تعالى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ إشارة إلى أنه لا يشترط الاطلاع على بواطنهن. بل يكتفي بظاهر إيمانهن. أي فاكتفوا بظاهر الإيمان. فإنه تعالى العالم بالسرائر وبتفاضل ما بينكم في الإيمان. فرب أمة تفضل الحرة فيه. وقوله تعالى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ اعتراض آخر جيء به لتأنيسهم بنكاح الإماء حالتئذ. أي أنتم وأرقاؤكم متناسبون، نسبكم من آدم ودينكم الإسلام فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ أي مواليهن لا استقلالا. وذلك لآن منافعهن لهم لا يجوز لغيرهم أن ينتفع بشيء منها إلا بإذن من هي له وَآتُوهُنَّ أعطوهن أُجُورَهُنَّ أي مهورهن بِالْمَعْرُوفِ أي بلا مطل وضرار وإلجاء إلى الاقتضاء. واستدل الإمام مالك بهذا على أنهن أحق بمهورهن. وأنه لا حق فيه للسيد. وذهب الجمهور إلى أن المهر للسيد. وإنما أضافها إليهن لأن التأدية إليهن، تأدية إلى سيدهن لكونهن ماله مُحْصَناتٍ حال من مفعول فَانْكِحُوهُنَّ أي حال كونهن عفائف عن الزنى غَيْرَ مُسافِحاتٍ حال مؤكدة. أي غير زانيات بكل من دعاهن وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ أي أخلة يتخصصن بهم في الزنى. قال أبو زيد: الأخدان الأصدقاء على الفاحشة. والواحد خدن وخدين. وقال الراغب: أكثر ذلك يستعمل فيمن يصاحب بشهوة نفسانية. ومن لطائف وقوع قوله تعالى مُحْصَناتٍ إلخ إثر قوله: وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ- الإشعار بأنهن لو كن إحدى هاتين، فلكم المناقشة في أداء مهورهن ليفتدين نفوسهن فَإِذا أُحْصِنَّ أي بالتزويج. وقرئ على البناء للفاعل أي أحصن فروجهن أو أزواجهن فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ أي فعلن فاحشة وهي الزنى فَعَلَيْهِنَّ أي فثابت عليهن شرعا نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ أي الحرائر مِنَ الْعَذابِ أي من الحد الذي هو جلد مائة فنصفه خمسون جلدة. لا الرجم. قال المهايميّ: لأنهن من أهل المهانة. فلا يفيد فيهن المبالغة في الزجر.

[تنبيه:]

قال ابن كثير: مذهب الجمهور أن الأمة إذا زنت فعليها خمسون جلدة. سواء كانت مسلمة أو كافرة. مزوجة أو بكرا. مع أن مفهوم الآية يقتضي أنه لا حد على غير المحصنة ممن زنى من الإماء. وقد اختلفت أجوبتهم عن ذلك. فأما الجمهور فقالوا: لا شك أن المنطوق مقدم على المفهوم. وقد وردت أحاديث عامة في إقامة

<<  <  ج: ص:  >  >>