للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآية محامل كثيرة ووجوه للسلف والخلف. أظهرها السلف المفسرين رضوان الله عليهم. وهو أن المعنيّ بالموصول، الحلفاء. وهو المرويّ عن ابن عباس في البخاريّ كما سيأتي: قال ابن أبي حاتم: وروي عن سعيد بن جبير ومجاهد وعطاء والحسن وابن المسيب وأبي صالح وسليمان بن يسار والشعبيّ وعكرمة والسدّي والضحّاك وقتادة ومقاتل بن حيان، أنهم قالوا: هم الحلفاء. انتهى.

ويزاد أيضا: علي بن أبي طلحة.

وكان الحلفاء يرثون السدس من محالفيهم. وروى الطبري من طريق قتادة:

كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول: دمي دمك. وترثني وأرثك. وتطلب بي وأطلب بك. فلما جاء الإسلام بقي منهم ناس. فأمروا بأن يؤتوهم نصيبهم من الميراث وهو السدس. ثم نسخ ذلك بالميراث، فقال: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ.

ولذا قال سعيد بن جبير: فآتوهم نصيبهم من الميراث. قال: وعاقد أبو بكر مولى فورثه.

قال الزمخشريّ: والمراد. ب (الذين عاقدت أيمانكم) موالي الموالاة. كان الرجل يعاقد الرجل فيقول: دمي دمك. وهدمي هدمك. وثأري ثأرك. وحربي حربك. وسلمي سلمك. وترثني وأرثك. وتطلب بي وأطلب بك. وتعقل عني وأعقل عنك. فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف. انتهى.

وعلى هذا، فمعنى الآية: والذين عاقدتموهم على المؤاخاة والموالاة، وتحالفتم بالأيمان المؤكدة أنتم وهم على النصر والإرث، قبل نزول هذه الآية، فآتوهم نصيبهم من الميراث وفاء بالعقود والعهود. إذ وعدتموهم ذلك في الأيمان المغلظة.

وروى ابن أبي حاتم: كان الرجل قبل الإسلام يعاقد الرجل ويقول. وترثني وأرثك. وكان الأحياء يتحالفون. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كل حلف في الجاهلية، أو عقد أدركه الإسلام، فلا يزيده الإسلام إلا شدة، ولا عقد ولا حلف في الإسلام» .

وروى الإمام أحمد ومسلم «١» والنسائي عن جبير بن مطعم عن أبيه قال: قال


(١)
أخرجه في المسند ١/ ١٩٠. وحديث ١٦٥٥ ونصه: عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: شهدت حلف المطيّبين مع عمومتي وأنا غلام. فما أحبّ أن لي حمر النعم وأني أنكثه.

<<  <  ج: ص:  >  >>