للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم أحياء. ومن يتخذ القبور مساجد» .

وفي الصحيح «١» «أيضا عنه: إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد. ألا فلا تتخذوا القبور مساجد. فإني أنهاكم عن ذلك» .

وفي مسند الإمام أحمد «٢» رضي الله عنه وصحيح ابن حبان عنه صلى الله عليه وسلم: «لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج. وقال: اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» .

وقال «٣» : «إن من كان قبلكم، إذا مات فيهم الرجل الصالح، بنوا على قبره مسجدا وصوّروا فيه تلك الصور. أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» .

فهذا حال من سجد لله في مسجد على قبر. فكيف حال من سجد للقبر بنفسه؟

وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم «٤» : «اللهم! لا تجعل قبري وثنا يعبد»

. وقد حمى النبيّ جانب التوحيد أعظم حماية حتى نهى «٥» عن صلاة التطوّع لله سبحانه عند طلوع الشمس وعند غروبها. لئلا يكون ذريعة إلى التشبيه بعبّاد الشمس الذين يسجدون لها في هاتين الحالتين. وسد الذريعة بأن منع الصلاة بعد العصر والصبح، لاتصال هذين الوقتين بالوقتين اللذين يسجد المشركون فيهما للشمس. وأما السجود لغير الله

فقال «٦» : «لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد إلا لله»

. و (لا ينبغي) في كلام الله


(١) أخرجه مسلم في: كتاب المساجد ومواضع الصلاة، حديث ٢٣.
(٢) أخرجه في المسند ١/ ٢٢٩.
(٣)
أخرجه البخاريّ في: مناقب الأنصار، حديث ٢٨١، ونصه: عن عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير. فذكرتا للنبيّ صلى الله عليه وسلم فقال «إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوّروا فيه تيك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» .
ومسلم في: المساجد ومواضع الصلاة، حديث ١٦
. (٤) أخرجه مالك في: قصر الصلاة في السفر، حديث ٨٥.
(٥)
أخرجه البخاريّ في: مواقيت الصلاة، ٣١- باب لا يتحرى الصلاة قبل غروب الشمس، حديث ٣٧٩ ونصه: عن أبي سعيد الخدريّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «لا صلاة بعد الصبح حتى ترتفع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس» .
(٦)
أخرجه ابن ماجة في: النكاح، ٤- باب حق الزوج على المرأة، حديث ١٨٥٣ ونصه: عن عبد الله بن أبي أوفى قال: لما قدم معاذ من الشام سجد للنبيّ صلى الله عليه وسلم. قال «ما هذا؟ يا معاذ!» قال: أتيت الشام فوجدتهم يسجدون لأساقفتهم وبطارقتهم. فوددت في نفسي أن نفعل ذلك بك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «فلا تفعلوا. فإني لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لغير الله، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها.
والذي نفس محمد بيده! لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجها. ولو سألها نفسها، وهي على قتب، لم تمنعه»
.

<<  <  ج: ص:  >  >>