للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجنة لا يموتون ولا يخرجون منها لَهُمْ فِيها أي الجنة أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ أي من الحيض والنفاس والأذى والأخلاق الرذيلة والصفات الناقصة وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا أي كنّا كنينا لا تنسخه الشمس، ولا حرّ فيه ولا برد. و (ظليل) صفة مشتقة من لفظ (الظل) لتأكيد معناه، كما يقال: ليل أليل، ويوم أيوم.

وفي الصحيحين «١» عن أبي سعيد الخدريّ رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة لشجرة يسير، الراكب الجواد المضمّر السريع، مائه عام ما يقطعها» .

وفيهما «٢» أيضا من رواية أبي هريرة رضي الله عنه قال: «يسير الراكب في ظلها مائة سنة ما يقطعها» .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٥٨]]

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً (٥٨)

إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها هذه الآية من أمهات الآيات المشتملة على كثير من أحكام الشرع.

قال أبو السعود: في تصدير الكلام بكلمة التحقيق وإظهار الاسم الجليل وإيراد الأمر على صورة الإخبار، من الفخامة وتأكيد وجوب الامتثال به والدلالة على الاعتناء بشأنه ما لا مزيد عليه. وهو خطاب يعم حكمه المكلفين قاطبة. كما أن الأمانات تعم جميع الحقوق المتعلقة بذممهم: من حقوق الله تعالى وحقوق العباد. سواء كانت فعلية أو قولية أو اعتقادية. وإن ورد في شأن عثمان بن طلحة. انتهى.

أي لأن الاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. كما تقرر في الأصول.

وأجمعوا على أن الأمانات مردودة إلى أربابها. الأبرار منهم والفجار، كما قال ابن المنذر.

وفي حديث سمرة: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أدّ الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك» . رواه الإمام أحمد وأهل السنن.

قال الحافظ ابن كثير: وقد ذكر كثير من المفسرين أن هذه الآية نزلت في شأن عثمان بن طلحة بن أبي طلحة. واسم أبي طلحة عبد الله بن عبد العزّى بن عثمان بن


(١) أخرجه البخاريّ في: الرقاق، ٥١- باب صفة الجنة والنار، حديث ٢٤٦١.
(٢)
أخرجه البخاريّ في: بدء الخلق، ٨- باب ما جاء في صفة الجنة وأنها مخلوقة، ١٥٣٩ ونصه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال «إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة سنة» . واقرءوا إن شئتم وَظِلٍّ مَمْدُودٍ [الواقعة: ٣٠] .

<<  <  ج: ص:  >  >>