للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدخل قَوْلًا بَلِيغاً يبلغ منهم ويؤثر فيهم. كذا يستفاد من الكشاف.

قال الناصر في (الانتصاف) ولكل من هذه التأويلات شاهد على الصحة. أما الأول. فلأن حاصله أمره بتهديدهم على وجه مبلغ صميم قلوبهم. وسياق التهديد في قوله فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جاؤُكَ يشهد له. فإنه أخبر بما سيقع لهم على سبيل التهديد. وأما الثاني- فيلائمه من السياق قوله: أُولئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ ما فِي قُلُوبِهِمْ يعني ما انطوت عليه من الخبث والمكر والحيل. ثم أمره بوعظهم والإعراض عن جرائمهم حتى لا تكون مؤاخذتهم بها مانعة من نصحهم ووعظهم. ثم جاء قوله وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً كالشرح للوعظ ولذكر أهم ما يعظهم فيه. وتلك نفوسهم التي علم الله ما انطوت عليه من المذامّ. وعلى هذا يكون المراد الوعظ وما يتعلق به. وأما الثالث- فيشهد له سيرته عليه الصلاة والسلام في كتم عناد المنافقين، والتجافي عن إفصاحهم والستر عليهم، حتى عدّ حذيفة رضي الله عنه، صاحب سره عليه الصلاة والسلام. لتخصيصه إياه بالاطلاع على أعيانهم وتسميتهم له بأسمائهم. وأخباره في هذا المعنى كثيرة.

[تنبيه:]

قال بعض المفسرين: وثمرة الآية قبح الرياء والنفاق واليمين الكاذبة والعذر الكاذب. لأنهم اعتذروا بإرادتهم الإحسان. وذلك كذب. ثم قال: ودلت الآية على لزوم الوعظ والمبالغة فيه. انتهى. وقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ٦٤]]

وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً (٦٤)

وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ كلام مبتدأ. جيء به تمهيدا لبيان خطئهم في ترك طاعة الرسول، والاشتغال بسر جنايتهم بالاعتذار بالأباطيل وعدم تلافيها بالتوبة. أي: وما أرسلنا رسولا إلا ليطاع فيما حكم، لا ليطلب الحكم من غيره. فطاعته فرض على من أرسل إليهم. وإنكار فرضيتها كفر.

وقوله بِإِذْنِ اللَّهِ أي: بسبب إذنه في طاعته، وبأنه أمر المبعوث إليهم بأن يطيعوه ويتبعوه، لأنه مؤدّ عن الله. فطاعته طاعة الله. ومعصيته معصية الله مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>