للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أزيد. فإنه إن كان كافرا لا يضر المسلم، إن قابل إكرام ذلك الكافر بنوع من الإكرام، أما إن كان مسلما، وقتله، ففيه أعظم المضار والمفاسد. ولذا قال: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً. أي هو محاسبكم على كل أعمالكم. وكاف في إيصال جزاء أعمالكم إليكم. فكونوا على حذر من مخالفة هذا التكليف. فهذا يدل على شدة العناية بحفظ الدماء. والمنع من إهدارها. وقد روى ابن أبي حاتم عن عكرمة عن ابن عباس قال: من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه، وإن كان مجوسيّا. ذلك بأن الله يقول: فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها. وقال قتادة: فحيوا بأحسن منها، يعني للمسلمين. أو ردوها، يعني لأهل الذمة. ومن هنا حكى الماورديّ وجها: إنه يقول في الرد على أهل الذمة، إذا ابتدءوا: وعليكم السلام. ولا يقول: ورحمة الله.

نقله عنه النوويّ. وروى الزمخشريّ عن الحسن أنه يجوز أن يقال للكافر: وعليك السلام. ولا تقل: ورحمة الله. فإنها استغفار. وعن الشعبيّ أنه قال لنصرانيّ سلم عليه: وعليك السلام ورحمة الله. فقيل له في ذلك. فقال: أليس في رحمة الله يعيش؟ انتهى. والظاهر أنه لحظ الأخبار بذلك ولم يرد مضمون التحية. ومع هذا فالثابت

في الصحيحين «١» عن أنس مرفوعا: إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا:

وعليكم.

كما يأتي. قال السيوطيّ في (الإكليل) : في هذه الآية مشروعية السلام ووجوب رده. واستدل بها الجمهور على رد السلام على كل مسلّم، مسلما كان أو كافرا. لكن مختلفان في صيغة الرد.

الثانية- ورد في إفشاء السلام أحاديث كثيرة. منها

قول البراء بن عازب رضي الله عنهما: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع، منها: وإفشاء السلام. رواه الشيخان «٢» .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا. ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» . رواه مسلم «٣» .

وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس! أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلّوا والناس


(١) أخرجه البخاريّ في: الاستئذان، ٢٢- باب كيف يرد على أهل الذمة السلام، حديث ٢٣٧٥. [.....]
(٢)
أخرجه البخاريّ في: النكاح، ٧١- باب حق إجابة الوليمة والدعوة، حديث ٦٦٢ ونصه: عن البراء بن عازب رضي الله عنهما: أمرنا النبيّ صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع. أمرنا بعيادة المريض واتباع الجنازة وتشميت العاطس وإبرار المقسم ونصر المظلوم وإفشاء السلام وإجابة الداعي. ونهانا عن خواتيم الذهب وعن آنية الفضة وعن الميثار والقسّيّة والإستبرق والديباج.
(٣) أخرجه مسلم في: الإيمان، حديث ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>