للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله. ما بين كل درجتين كما بين السماء، والأرض.

وقال الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال:

قال «١» رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رمى بسهم فله أجره درجة. فقال رجل: يا رسول الله! وما الدرجة؟ فقال: أما إنها ليست بعتبة أمك: ما بين الدرجتين مائه عام وَمَغْفِرَةً أي:

لذنوبهم وَرَحْمَةً فوق الأجر ودرجاته وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً تذييل مقرر لما وعد من المغفرة والرحمة

. وهاهنا فوائد:

الأولى- دلت الآية على أن الجهاد ليس بفرض عين. إذ لو كان فرضا من فروض الأعيان لم يكن للقاعد فضل، ولكن تفاوت الفضل بينه وبين المجاهد. وقال: وكلا وعد الله الحسنى.

الثانية- دلت أيضا على أن الجهاد أفضل من القرب التي يفعلها القاعد. لأنه فضّله على القاعد مطلقا. ويؤيد هذا

قوله صلى الله عليه وسلم: الجهاد سنام الدين.

وقد فرّع العلماء على هذا أن رجلا لو وقف ما له على أحسن وجوه البر، أو أوصى أن يصرف في أحسن وجوه البرّ، فإنه يصرف في الجهاد. خلاف ما ذكره أبو عليّ أنه يصرف في طلب العلم. كذا في بعض التفاسير.

الثالثة- قال السيوطيّ في (الإكليل) : في الآية تفضيل المجاهدين على غيرهم. وأن المعذورين في درجة المجاهدين، واستدل بقوله (بأموالهم) على تفضيل المجاهد بمال نفسه على المجاهد بمال يعطاه من الديون أو نحوه.

الرابعة- قال الرازيّ: لقائل أن يقول: إنه تعالى قال: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ. فقدم ذكر النفس على المال. وفي الآية التي نحن فيها وهي قوله: وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ قدم ذكر المال على النفس، فما السبب؟ وجوابه: أن النفس أشرف من المال. فالمشتري قدم ذكر النفس تنبيها على


حقّا على الله أن يدخله الجنة، جاهد في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها» . فقالوا: يا رسول الله! أفلا نبشر الناس؟ قال «إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض. فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة، أراه فوقه عرش الرحمن. ومنه تتفجر أنهار الجنة»
. (١) أخرجه النسائيّ في: الجهاد، ٢٦- باب ثواب من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل. ولكن عن كعب بن مرّة.

<<  <  ج: ص:  >  >>