للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

متعد أو لازم له، وهو الإصلاح. وإنما تتم خيريتها إذا ابتغى بها رضاء الله تعالى كما قال وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ أي: طلب مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ يعني في الآخرة أَجْراً عَظِيماً يساوي أجر الفاعل أو يفوقه. وقد دلت الآية على الترغيب في الصدقة والمعروف والإصلاح بين الناس. وقد أكد تعالى الترغيب بقوله عَظِيماً وأن النية فيها شرط لنيل الثواب. لقوله تعالى ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وعلى أن كلام الإنسان عليه لا له. إلا ما كان في هذا ونحوه. كما جاء

في الحديث الذي رواه ابن مردويه بسنده إلى محمد بن يزيد بن حنيش قال: دخلنا على سفيان الثوريّ نعوده.

فدخل علينا سعيد بن حسان، فقال له الثوريّ: الحديث الذي كنت حدثتنيه عن أم صالح اردده عليّ. فقال: حدثتني أم صالح عن صفية بنت شيبة، عن أم حبيبة قالت:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلام ابن آدم كله عليه لا له. إلا ذكر الله عز وجل. أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر

. فقال سفيان: أو ما سمعت الله في كتابه يقول: لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ؟ فهو هذا بعينه. أو ما سمعت الله يقول: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً؟ [النبأ: ٣٨] ، فهو هذا بعينه. أو ما سمعت الله يقول في كتابه: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ [العصر: ١- ٢] إلخ. فهو هذا بعينه.

وقد روى هذا الحديث الترمذيّ «١» وابن ماجة «٢» من حديث ابن حنيش عن سعيد بن حسان به. ولم يذكر أقوال الثوريّ إلى آخرها.

ثم قال الترمذيّ: حديث غريب لا يعرف إلا من حديث ابن حنيش. قلت: هو مقبول، كما في (التقريب) لابن حجر. فحسن حديثه.

وروى الجماعة «٣» عن أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا. وقالت: لم أسمعه


(١) أخرجه الترمذيّ في: الزهد، ٦٣- باب منه، حدثنا محمد بن بشار.
(٢) أخرجه ابن ماجة في: الفتن ١٢- باب كف اللسان في الفتنة، حديث ٣٩٧٤. [.....]
(٣) أخرجه البخاريّ في: الصلح، ٢- باب ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس، حديث ١٣٠٢.
ومسلم في: البر والصلة والآداب، حديث ١٠١.
وأبو داود في: الأدب، ٥٠- باب في إصلاح ذات البين، حديث ٤٩٢١.
والترمذيّ في: البر والصلة، ٢٦- باب ما جاء في إصلاح ذات البين.

<<  <  ج: ص:  >  >>