للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَدْ ضَلَّ لأن الأولى في شأن أهل الكتاب وهم عندهم علم بصحة نبوته، وأن شريعته ناسخة لجميع الشرائع، ومع ذلك فقد كابروا في ذلك وافتروا على الله. وهذه في شأن قوم مشركين ليس لهم كتاب ولا عندهم علم. فناسب وصفهم بالضلال.

وأيضا قد تقدم هنا ذكر الهدى وهو ضد الضلال. انتهى.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١١٧]]

إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلاَّ إِناثاً وَإِنْ يَدْعُونَ إِلاَّ شَيْطاناً مَرِيداً (١١٧)

إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يعبد مشركو مكة ونحوهم من دون الله إِلَّا إِناثاً قال الرازيّ: (يدعون) بمعنى (يعبدون) لأن من عبد شيئا فإنه يدعوه عند احتياجه إليه. انتهى.

وقد روى الإمام أحمد «١» وابن أبي شيبة وأصحاب السنن وغيرهم، عن النعمان ابن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدعاء هو العبادة. ورواه أبو يعلى عن البراء.

ورواه الترمذيّ «٢» عن أنس بلفظ: الدعاء مخ العبادة.

وفي قوله تعالى إِلَّا إِناثاً وجوه:

الأول- ما رواه ابن أبي حاتم عن عائشة قالت: يعني أوثانا. وعليه فمرجع التسمية بالإناث كون أسماء غالبها مؤنثة. كمناة والعزّى واللات ونحوها. ولأنهم كانوا يلبسونها أنواع الحليّ ويزيّنونها على هيئات النسوان. وروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير ومجاهد وأبي مالك والسدّيّ ومقاتل نحو ما لعائشة.

الوجه الثاني- أنه عنى الملائكة. لأن بعضهم كان يعبد الملائكة ويقولون عنها: بنات الله. روى ابن جرير «٣» عن الضحاك في الآية: قال المشركون، للملائكة:

بنات الله. وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى. قال: فاتخذوهن أربابا وصوروهن جواري فحكوا وقلّدوا وقالوا: هؤلاء يشبهن بنات الله الذي نعبده. يعنون الملائكة.


(١)
أخرجه في المسند ٤/ ٢٦٧ ونصه: عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «إن الدعاء هو العبادة» ثم قرأ: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ، إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ [غافر: ٦٠]
. (٢) أخرجه الترمذيّ في: التفسير، ٢- سورة البقرة، ١٦- حدثنا هناد.
(٣) الأثر رقم ١٠٤٣٧ ونصه: عن الضحاك، في قوله: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً قال: الملائكة.
يزعمون أنهم بنات الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>