للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالك؟ قالت: حمدت الله على أني وإياك من أهل الجنة. قال: كيف؟ قالت: لأنك رزقت مثلي فشكرت. ورزقت مثلك فصبرت. وقد وعد الله الجنة، عباده الشاكرين والصابرين. انتهى.

قلت: عمران المذكور ممن خرّج له البخاريّ في صحيحه. ولما مات سئلت زوجته عن ترجمته؟ فقالت: أوجز أم أطنب؟ فقيل: أوجزي. فقالت: ما قدمت له طعاما بالنهار، وما مهدت له فراشا بالليل. تعني أنه كان صوّاما قوّاما رحمه الله تعالى.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة النساء (٤) : آية ١٢٩]]

وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً (١٢٩)

وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ أي: تساووا بينهن في جميع الوجوه، بحيث لا يقع ميل مّا إلى جانب إحداهن، في شأن من الشؤون. فإنه وإن وقع القسم الصوريّ ليلة وليلة، فلا بد من التفاوت في المحبة والشهوة والجماع. كما قاله ابن عباس وغيره وَلَوْ حَرَصْتُمْ أي على إقامة العدل، وبالغتم في ذلك. لأن الميل يقع بلا اختيار في القلب.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه، فيعدل. ثم يقول: اللهم! هذا قسمي فيما أملك. فلا تلمني فيما تملك ولا أملك. يعني القلب. رواه الإمام أحمد «١» وأهل السنن

فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ أي: إذا ملتم إلى واحدة منهن فلا تبالغوا في الميل إليها. وقال المهايميّ: فلا تميلوا، أي عن امرأة كل الميل فتتركوا المستطاع من القسط فَتَذَرُوها أي: التي ملتم عنها كَالْمُعَلَّقَةِ بين السماء والأرض. لا تكون في إحدى الجهتين. لا ذات زوج ولا مطلقة.

وروى أبو داود «٢» الطيالسيّ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وأحد شدقيه ساقط.


(١) أخرجه في المسند ٦/ ١٤٤.
وأخرجه أبو داود في: النكاح، ٤٨- باب في القسم بين النساء، حديث ٢١٣٤. [.....]
(٢) أخرجه في مسنده، حديث ٢٤٥٤ وروايته (شقيه) وفي ابن كثير ١/ ٥٦٤ (شقيه) وهو الصواب بخلاف النسخة التي نقل عنها شيخنا المؤلف.
وأخرجه النسائي في السنن في: عشرة النساء، ٢- باب ميل الرجل إلى بعض نسائه دون بعض.

<<  <  ج: ص:  >  >>