للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالكفر بالآيات والاستهزاء بها. فتكونون مثلهم في الكفر واستتباع العذاب.

فاجتماعكم بهم هاهنا سبب اجتماعكم في جهنم. كما قال إِنَّ اللَّهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً لأنهم لما شاركوهم في الكفر، واجتمعوا على الاستهزاء بالآيات في الدنيا، جمعهم الله في عذاب جهنم يوم القيامة.

[تنبيه:]

قال بعض مفسري الزيدية: اعلم أنه لا خلاف في تحريم القعود والمخالطة، إذا كان ذلك يوهم بأن القاعد راض. ولا خلاف أنه يحرم إذا خشي الافتتان. ولا خلاف أنه يجوز القعود للتنكير عليهم والدفع لهم.

قال الحاكم: ولذلك يحضر العلماء مع أهل الضلالة يناظرونهم. ولهم بذلك الثواب العظيم. وأما إذا خلا عما ذكرنا، وكان لا يوهم بالرضا ولا يفتتن ولا ينكر عليهم، فاختلف العلماء في ذلك. فمنهم من أوجب المثل. لظاهر الآية.

قال الحاكم: روي «١» أن قوما أخذوا على شراب في عهد عمر بن عبد العزيز.

فأمر بضربهم الحدّ. فقيل: فيهم صائم. فتلا قوله تعالى: فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ إلى قوله إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ. وهذا أيضا ظاهر حديث: لا يحل لعين ترى الله يعصى، فتطرف حتى تغير وتنتقل.

وقال أبو عليّ وأبو هاشم: إن أنكر بقلبه لم يجب عليه أكثر من ذلك. وجاز له القعود، يعني مع عجزه عن الإنكار باليد أو باللسان، وعدم تأثير ذلك.

أقول: ما قالاه مخالف لظاهر الآية. فلا عبرة به.

وقال القاضي والحاكم: أما لو كان له حق في تلك البقعة، فله أن لا يفارق.

كمن يحضر الجنائز مع النوح، أو الولائم. فيسمع المنكر فيسعه أن يقعد. والنكير على قدر الإمكان واجب عليه. وعن الحسن: لو تركنا الحق للباطل لبطل الشرع.

وقد كان خرج إلى جنازة، خرجت النساء فيها فلم يرجع. ورجع ابن سيرين. انتهى.

أقول: من له حق في البقعة، فعليه أن يفارق كغيره. إذ ليس في مفارقته ضياع حقه. وعموم الآية يشمله، ولا تخصيص إلا بمخصص. والمسألة المقيس عليها غير ما نحن فيه. على ما فيها من الخلاف. كما حكى. ولا قياس مع النص. وقد حكى


(١) الأثر رقم ١٠٧٠٩ من تفسير الطبريّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>