للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو طائفة خائنة. يعني: أن الغدر والخيانة عادة مستمرة لهم ولأسلافهم، بحيث لا يكادون يتركونها أو يكتمونها. فلا تزال ترى ذلك منهم.

قال مجاهد. وغيره بذلك تمالؤهم على الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم.

إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وهم المؤمنون منهم فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ أي لا تعاقبهم.

قال ابن كثير: هذا موجب النصر والظفر. كما قال عمر: ما عاملت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع الله فيه. وبهذا، يحصل لهم تأليف وجمع على الحقّ. ولعلّ الله يهديهم.

ولهذا قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ يعني به الصفح عمّن أساء، فإنه من باب الإحسان.

[تنبيه:]

قال بعض المفسّرين: في هذا دلالة على جواز التحليف على الأمور المستقبلة.

وأخذ الكفيل على الحق الذي يفعل في المستقبل. وفي قوله تعالى: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ ... إلخ، دليل على تأكيد الميثاق، وقبح نقضه، وأنه قد يسلب اللطف المبعد من المعاصي. ويورث النسيان، ولهذا قال تعالى: وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وعن ابن مسعود: قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية. انتهى.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ١٤]]

وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ (١٤)

وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ بعبادة الله وحده، وأن لا يشركوا به شيئا، وحفظ شرعة عيسى عليه السلام. وإنما نسب تسميتهم نصارى إلى أنفسهم- دون أن يقال (ومن النصارى) - إيذانا بأنهم في قولهم نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ [آل عمران: ٥٢] بمعزل من الصدق. وإنما هو تقول محض منهم. وليسوا من نصرة الله تعالى في شيء. أو إظهارا لكمال سوء صنيعهم ببيان التناقض بين أقوالهم وأفعالهم. فإن ادعاءهم لنصرته تعالى يستدعي ثباتهم على طاعته تعالى ومراعاة ميثاقه. أفاده أبو السعود.

<<  <  ج: ص:  >  >>