للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآخَرِ وهو قابيل قالَ قابيل لهابيل لَأَقْتُلَنَّكَ على قبول قربانك قالَ إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ أي: إنما أتيت من قبل نفسك، لانسلاخها من لباس التقوى.

لا من قبلي. فلم تقتلني؟ ومالك لا تعاتب نفسك ولا تحملها على تقوى الله التي هي السبب في القبول؟ فأجابه بكلام حكيم مختصر جامع لمعان وفيه دليل على أن الله تعالى لا يقبل طاعة إلّا من مؤمن متّق، فما أنعاه على أكثر العاملين أعمالهم! وعن عامر بن عبد الله: أنه بكى حين حضرته الوفاة: فقيل له: ما يبكيك فقد كنت وكنت؟ قال: إني أسمع الله يقول: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ. كذا في (الكشاف) .

وروى ابن أبي حاتم عن معاذ بن جبل قال: يحبس الناس في بقيع واحد فينادي مناد: أين المتقون؟ فيقومون في كنف من الرحمن لا يحتجب الله منهم ولا يستتر.

قلت: من المتقون؟ قال: قوم اتقوا الشرك وعبادة الأوثان وأخلصوا العبادة. فيمرون إلى الجنة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ٢٨]]

لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ (٢٨)

لَئِنْ بَسَطْتَ أي: مددت إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي أي: ظلما ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ أي: دفعا إِنِّي أَخافُ اللَّهَ رَبَّ الْعالَمِينَ أي: من أن أصنع كما تريد أن تصنع.

وفي (الصحيحين) «١» : عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار. قالوا: يا رسول الله! هذا القاتل. فما بال المقتول؟ قال:

إنه كان حريصا على قتل صاحبه» .


(١)
أخرجه البخاريّ في: الإيمان، ٢٢- باب المعاصي من أمر الجاهلية ولا يكفّر صاحبها بارتكابها إلا بالشرك، حديث ٢٩ ونصه: عن الأحنف بن قيس قال: ذهبت لأنصر هذا الرجل، فلقيني أبو بكرة فقال: أين تريد؟ قلت: أنصر هذا الرجل. قال: ارجع فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إذا التقى المسلمان بسيفيهما، فالقاتل والمقتول في النار» فقلت: يا رسول الله! هذا القاتل، فما بال المقتول؟ قال «إنه كان حريصا على قتل صاحبه» .
وأخرجه مسلم في: الفتن وأشراط الساعة، حديث ١٤ و ١٥
.

<<  <  ج: ص:  >  >>