للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من حدثك أنّ محمدا كتم شيئا مما أنزل الله عليه فقد كذب، والله يقول: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ... الآية.

وفي (الصحيحين) «١» عنها أيضا أنها قالت: لو كان محمد صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا من القرآن لكتم هذه الآية: وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ.

وروى البخاريّ «٢» وغيره عن أبي جحيفة قال: قلت لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: هل عندكم شيء من الوحي مما ليس في القرآن؟ فقال: لا، والذي فلق الحبة وبرأ النسمة! إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن، وما في هذه الصحيفة. قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل مسلم بكافر.

وقال البخاريّ «٣» : قال الزهريّ: من الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التسليم.

قال ابن كثير: وقد شهدت له صلى الله عليه وسلم أمته بإبلاغ الرسالة، وأداء الأمانة، واستنطقهم بذلك في أعظم المحافل في خطبته يوم حجة الوداع، وقد كان هناك من أصحابه نحو من أربعين ألفا. كما

ثبت في (صحيح مسلم) «٤» عن جابر بن عبد


(١) أخرجه مسلم في: الإيمان، حديث ٢٨٨.
(٢) أخرجه البخاري في: الجهاد، ١٧١- باب فكاك الأسير، حديث ٩٥.
(٣) أخرجه البخاري في: التوحيد، ٤٦- باب قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ.
(٤)
أخرجه مسلم في: الحج، ١٩- باب حجة النبيّ صلى الله عليه وسلم، حديث ١٤٧ ونصه: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم. جميعا عن حاتم. قال أبو بكر: حدثنا حاتم بن إسماعيل المدنيّ عن جعفر بن محمد عن أبيه، قال: دخلنا على جابر بن عبد الله. فسأل عن القوم حتى انتهى إليّ.
فقلت: أنا محمد بن عليّ بن حسين. فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى (أي أخرجه من عروته لينكشف صدري عن القميص) ثم نزع زري الأسفل. ثم وضع كفه بين ثدييّ وأنا يومئذ غلام شابّ. فقال: مرحبا بك، يا ابن أخي! سل عما شئت. فسألته، وهو أعمى. وحضر وقت الصلاة فقام في نساجة (في النهاية: هي ضرب من الملاحف منسوجة) ملتحفا بها. كلما وضعها على منكبيه رجع طرفاها إليه من صغرها. ورداؤه إلى جنبه على المشجب (هو عيدان تضم رؤوسها ويفرج بين قوائمها، توضع عليها الثياب) فصلى بنا. فقلت: أخبرني عن حجّة رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال بيده (أي: أشار بها) فعدّ تسعا، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج.
ثم أذّن في الناس في العاشرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجّ. فقدم المدينة بشر كثير. كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويعمل مثل عمله. فخرجنا معه. حتى أتينا ذا الحليفة. فولدت أسماء
[.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>