للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأني قد لقيت الغول تهوى ... بسهب كالصحيفة صحصحان

فأضربها بلا دهش فخرّت ... صريعا لليدين وللجران

وأمثاله كثيرة. انتهى.

قال الخفاجيّ: اقتصر العلامة هنا على حكاية حال أسلافهم، لقرينة ضمائر الغيبة، وترك تلك الآية- يعني آية البقرة- على الاحتمالين لقرينة ضمائر المخاطبين. ليكون توبيخا وتعبيرا للحاضرين بفعل آبائهم. ولذا عقبت هذه الآية بقصة عيسى عليه السلام. فتأمل.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ٧١]]

وَحَسِبُوا أَلاَّ تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (٧١)

وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ أي: ظن بنو إسرائيل أنهم لا يصيبهم من الله عذاب بقتل الأنبياء وتكذيب الرسل فَعَمُوا وَصَمُّوا عطف على (حسبوا) ، و (الفاء) للدلالة على ترتيب ما بعدها على ما قبلها أي: آمنوا بأس الله تعالى، فتمادوا في فنون الغيّ والفساد، وعموا عن الدين، بعد ما هداهم الرسل إلى معالمه الظاهرة، وصمّوا عن استماع الحق الذي ألقوه عليهم، ولذلك فعلوا ما فعلوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ أي: مما كانوا فيه.

قال العلامة أبو السعود: لم يسند التوبة إليهم كسائر أحوالهم من الحسبان والعمى والصمم، تجافيا عن التصريح بنسبة الخير إليهم. وإنما أشير إليها في ضمن بيان توبته تعالى عليهم، تمهيدا لبيان نقضهم إياهم بقوله تعالى:

ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كرة أخرى كَثِيرٌ مِنْهُمْ بدل من الضمير في الفعلين أو خبر محذوف، أي: أولئك كثير منهم وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ أي: بما عملوا، وصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية استحضارا لصورتها الفظيعة ورعاية للفواصل. والجملة تذييل أشير به إلى بطلان حسبانهم المذكور. ووقوع العذاب من حيث لم يحتسبوا، إشارة إجمالية، اكتفي بها تعويلا على ما فصل نوع تفصيل في سورة (بني إسرائيل) [الإسراء] . أفاده أبو السعود. وهو مأخوذ من كلام القفال، كما سيأتي:

[تنبيه:]

في هذه الآية إشارة إلى ما اكتنف بني إسرائيل من الفتنة وعذاب الله الذي حاق

<<  <  ج: ص:  >  >>