للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ أي: ظهرت أماراته حِينَ الْوَصِيَّةِ بدل من الظرف، لا ظرف (للموت) ولا لحضوره. فإن في الإبدال تنبيها على أن الوصية من المهمات التي لا ينبغي التهاون بها. وقوله تعالى:

اثْنانِ خبر شَهادَةً بتقدير مضاف. أي شهادة بينكم حينئذ، شهادة اثنين. أو فاعل (شهادة) على أن خبرها محذوف. أي: فيما نزل عليكم، أن يشهد بينكم اثنان ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أي من المسلمين: أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ أي من أهل الذمة إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ أي سافرتم فيها فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما أي: توقفونهما للتحليف مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ أي صلاة العصر. كما قاله ابن عباس وثلّة من التابعين. وعدم تعيينها، لتعيينها عندهم بالتحليف بعدها. لأنه وقت اجتماع الناس ووقت تصادم ملائكة الليل وملائكة النهار. واجتماع طائفتي الملائكة، فيه تكثير للشهود منهم على صدقه وكذبه. فيكون أقوى من غيره وأخوف. وعن الزهريّ: بعد أيّ صلاة للمسلمين كانت. وذلك لأن الصلاة داعية إلى النطق بالصدق، وناهية عن الكذب والزور، كما قال تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت: ٤٥] . فالتعريف في الصَّلاةِ إما للعهد أو للجنس. فَيُقْسِمانِ أي: يحلفان بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ أي: شككتم فيهما بخيانة وأخذ شيء من تركة الميت. وقوله تعالى: لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً جواب للقسم. أي يقولان: لا نأخذ لأنفسنا بدلا من الله. أي: من حرمته عرضا من الدنيا بأن نهتكها ونزيلها بالحلف الكاذب. أي لا نحلف بالله كاذبين لأجل المال وَلَوْ كانَ أي: من نقسم له ونشهد عليه، المدلول عليه بفحوى الكلام ذا قُرْبى أي: قريبا منا.

تأكيد لتبرئهم من الحلف كاذبا. ومبالغة في التنزه عنه. كأنهما قالا: لا نأخذ لأنفسنا بدلا من حرمة اسمه تعالى مالا. ولو انضم إليه رعاية جانب الأقرباء. فكيف إذا لم يكن كذلك؟ وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ أي: الشهادة التي أمرنا الله تعالى بإقامتها. وإضافتها إلى الاسم الكريم تشريفا لها وتعظيما لأمرها إِنَّا إِذاً إن كتمناها لَمِنَ الْآثِمِينَ أي: المعدودين من المستقرين في الإثم.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة المائدة (٥) : آية ١٠٧]]

فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ (١٠٧)

فَإِنْ عُثِرَ أي اطلع بعد التحليف عَلى أَنَّهُمَا أي: الشاهدين الوصيين

<<  <  ج: ص:  >  >>