للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحافظ ابن كثير: وهذه أسانيد صحيحة إلى مجاهد والحسن. وقد يتقوى ذلك بأن خبر المائدة لا تعرفه النصارى. وليس هو في كتابهم. ولو كانت قد نزلت، لكان ذلك مما يتوفر الدواعي على نقله. وكان يكون موجودا في كتابهم متواترا، ولا أقل من الآحاد والله أعلم.

ثم قال: ولكن الجمهور أنها نزلت. وهو الذي اختاره ابن جرير. قال: لأن الله تعالى أخبر بنزولها في قوله تعالى إِنِّي مُنَزِّلُها عَلَيْكُمْ ووعد الله ووعيده حق وصدق.

وهذا القول هو، والله أعلم، الصواب. كما دلت عليه الأخبار والآثار عن السلف وغيرهم.

ومن الآثار ما أخرجه الترمذيّ «١» عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنزلت المائدة من السماء خبزا ولحما وأمروا أن لا يخونوا ولا يدخروا لغد. فخانوا وادخروا ورفعوا لغد. فمسخوا قردة وخنازير

. قال الترمذيّ: وقد روي عن عمار، من طريق، موقوفا وهو أصح.

وأخرجه ابن أبي حاتم عن ابن شهاب عن ابن عباس، أن عيسى ابن مريم. قالوا له: ادع الله أن ينزل علينا مائدة من السماء. قال فنزلت الملائكة بالمائدة يحملونها.

عليها سبعة أحوات وسبعة أرغفة. فأكل منها آخر الناس كما أكل منها أولهم.

وقد ساق ابن كثير آثار في نزولها لا تخلو عن غربة ونكارة في سياقها، كما لا يخفى.

روى الإمام أحمد «٢» عن ابن عباس قال قالت قريش للنبيّ صلى الله عليه وسلم: ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن بك. قال: وتفعلون؟ قالوا: نعم: قال فدعاه، فأتاه جبريل فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبا، فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين. وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة. قال: بل باب التوبة والرحمة.

ورواه الحاكم في مستدركه وابن مردويه.


(١) أخرجه الترمذي في: التفسير، ٥- سورة المائدة، ٢١- حدثنا الحسن بن قزعة. [.....]
(٢) أخرجه في المسند ١/ ٢٤٤ والحديث رقم ٢١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>