للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما ينال الإنسان من محبوب له، فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ أي: ومن جملته ذلك، فيقدر عليه، فيمسك به، ويحفظه عليك من غير أن يقدر على دفعه أو رفعه أحد.

كقوله تعالى: فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ [يونس: ١٠٧] ، وكقوله سبحانه: ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ [فاطر: ٢] .

وفي الصحيح «١» أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم! لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجدّ» .

وعن ابن عباس رضي الله عنه «٢» قال: كنت خلف النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: «يا غلام! إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله. واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله تعالى لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء، لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله تعالى عليك. رفعت الأقلام. وجفت الصحف» - رواه الترمذيّ-

وقال: حسن صحيح.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٨]]

وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (١٨)

وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ أي: هو الغالب بقدرته، المستعلي فوق عباده، يدبر أمرهم بما يريد، فيقع في ذلك ما يشق عليهم ويثقل ويغم ويحزن، فلا يستطيع أحد منهم ردّ تدبيره، والخروج من تحت قهره وتقديره.

قال أبو البقاء: في (فوق) وجهان:

أحدهما- في موضع نصب على الحال من الضمير في (القاهر) أي: مستعليا وغالبا.

والثاني- في موضع رفع على أنه بدل من (القاهر) أو خبر ثان.


(١)
أخرجه البخاري في: الأذان، ١٥٥- باب الذكر بعد الصلاة، حديث رقم ٥٠٠ وهذا نصه: عن ورّاد، كاتب المغيرة بن شعبة قال: أملى عليّ المغيرة بن شعبة، في كتاب إلى معاوية، أن النبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. اللهم! لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجدّ» .
(٢) أخرجه الترمذي في: القيامة، ٥٩- باب حدثنا بشر بن هلال البصري.

<<  <  ج: ص:  >  >>