للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صراطه المستقيم وهو دين الإسلام الذي ارتضاه لعباده.

روى الإمام (أحمد) «١» عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خطّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطّا ثم قال: هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال: هذه سبل، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه. ثم قرأ: وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً.. الآية. ورواه (الحاكم)

وصححه.

[لطائف:]

قال الكيا الهراسي: في الآية دليل على منع النظر والرأي، مع وجود النص.

قال ابن كثير: إنما وحّد (سبيله) لأن الحق واحد ولهذا جمع (السبل) لتفرقها وتشعبها. كما قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ [البقرة: ٢٥٧] .

قال ابن عطية: وهذه السبل تعم اليهودية والنصرانية والمجوسية، وسائر أهل الملل وأهل البدع والضلالات، من أهل الأهواء والشذوذ في الفروع، وغير ذلك من أهل التعمق في الجدل والخوض في الكلام. وهذه كلها عرضة للزلل ومظنة لسوء المعتقد.

قال قتادة: اعلموا أن السبيل سبيل واحد. جماعة الهدى، ومصيره الجنة. وأن إبليس استبدع سبلا متفرقة. جماعة الضلالة، ومصيرها إلى النار. وروى عليّ بن أبي طلحة عن ابن عباس في هذه الآية وفي قوله: أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ونحو هذا في القرآن، قال: أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الاختلاف والفرقة.

وأخبرهم أنه إنما هلك من كان قبلهم بالمراء والخصومات في دين الله.

ذلِكُمْ إشارة إلى ما ذكر من اتباع سبيله تعالى وترك اتباع سائر السبل وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أي اتباع الكفر والضلالة. وفيه تأكيد أيضا. روى «٢» الترمذيّ وحسنه، عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: من أراد أن ينظر إلى وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه، فليقرأ هؤلاء الآيات: قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً- إلى قوله- لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.


(١- ٢) أخرجه الترمذي في: التفسير، ٦- سورة الأنعام، ٧- حدثنا الفضل بن الصباح البغدادي.

<<  <  ج: ص:  >  >>