للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن جرير: هذه قراءة لا أستجير القراءة بها. وإن كان في العربية لها وجه صحيح. وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ أي: وبيانا مفصلا لكل ما يحتاج إليه بنو إسرائيل في الدين وَهُدىً لهم إلى ربهم في سلوك سبيله وَرَحْمَةً عليهم بإفاضة الفوائد لَعَلَّهُمْ أي: أهل الكتاب بِلِقاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ يصدقون بلقائه للجزاء.

[لطيفة:]

قال السيوطي في (الإكليل) : استدل بقوله تعالى: ثُمَّ آتَيْنا من قال إن ثُمَّ لا تفيد الترتيب. انتهى.

قال ابن كثير وثُمَّ هاهنا لعطف الخبر بعد الخبر، لا للترتيب كما قال الشاعر:

قل لمن ساد ثمّ ساد أبوه ... ثمّ ساد قبل ذلك جدّه

وقال (أبو السعود) : وثُمَّ للتراخي في الأخبار كما في قولك: بلغني ما صنعت اليوم، ثم ما صنعت أمس أعجب. أو للتفاوت في الرتبة كأنه قيل: ذلكم وصاكم به قديما وحديثا. ثم أعظم من ذلك أنا آتينا موسى التوراة. فإن إيتاءها مشتملة على الوصية المذكورة وغيرها، أعظم من التوصية بها فقط. انتهى.

ثم أشار إلى أن التوراة. وإن كانت تماما على النهج الأحسن، فالقرآن أتم منه وأزيد حسنا. فهو أولى بالمتابعة، فقال:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنعام (٦) : آية ١٥٥]]

وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٥٥)

وَهذا أي: القرآن: كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ أكثر نفعا من التوراة دينا ودنيا فَاتَّبِعُوهُ أي: اعملوا بما فيه من الأوامر والنواهي والأحكام وَاتَّقُوا يعني مخالفته واتباع غيره لكونه منسوخا به لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ أي: لترحموا بواسطة اتباعه، وهو العمل بما فيه. وفيه إشارة إلى أنه لا رحمة بمتابعة المنسوخ وإن آمن صاحبها بلقاء ربه.

قال بعض الزيدية: وفي قوله تعالى: فَاتَّبِعُوهُ دلالة على وجوب تعلم القرآن ليمكن الاتباع له. لكن هو كسائر العلوم فرض كفاية إلا ما يتعين على كل مكلف، كتعلم ما لا تصح الصلاة إلا به، فإنه يجب عليه. انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>