للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ

وذلك قبل يوم القيامة، كائن من أمارات الساعة وأشراطها حين يرون شيئا من ذلك. كما

روى البخاريّ «١» في تفسير هذه الآية عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها. فإذا رآها الناس آمن من عليها. فذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل.

ورواه مسلم أيضا «٢»

،

ولمسلم «٣» والترمذيّ عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثلاث إذا خرجن لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا: طلوع الشمس من مغربها، والدجال، ودابة الأرض.

يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ صفة (نفسا) أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً عطف على (ءامنت) والمعنى أن بعض أشراط الساعة إذا جاء، وهي آية ملجئة مضطرة، ذهب أوان التكليف عندها، فلم ينفع الإيمان حينئذ نفسا غير مقدّمة إيمانها من قبل ظهور الآيات. أو مقدمة الإيمان غير كاسبة في إيمانها خيرا لفسقها. فتوبتها حينئذ لا تجدي.

قال الطبري: معنى الآية لا ينفع كافرا لم يكن آمن قبل الطلوع، إيمان بعد الطلوع. ولا ينفع مؤمنا لم يكن عمل صالحا قبل الطلوع، عمل صالح بعد الطلوع.

لأن حكم الإيمان والعمل الصالح حينئذ، حكم من آمن أو عمل عند الغرغرة. وذلك لا يفيد شيئا. كما قال تعالى: فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا [غافر: ٨٥] . وكما ثبت في الحديث الصحيح «٤» : إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر. انتهى.

وبالجملة: فالمعنى أنه لا ينفع من كان مشركا إيمانه. ولا تقبل توبة فاسق عند ظهور هذه الآية العظيمة التي تضطرهم إلى الإيمان والتوبة. وذلك لذهاب زمن التكليف.

قال الضحاك: من أدركه بعض الآيات، وهو على عمل صالح مع إيمانه، قبل الله منه العمل الصالح بعد نزول الآية، كما قبل منه قبل ذلك. فأما من آمن من شرك


(١) أخرجه البخاري في: التفسير، ٦- سورة الأنعام، ٩- باب قوله: هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ.
(٢) أخرجه مسلم في: الإيمان، حديث ٢٤٨.
(٣) أخرجه مسلم في: الإيمان، حديث ٢٤٩.
(٤) أخرجه الترمذي في: الدعوات، ٩٨- باب في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة الله لعباده، حدثنا إبراهيم بن يعقوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>