للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لآدم وبنيه ترصدا بهم، كما يقعد القطاع للطريق على السابلة صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ أي: طريقك السويّ، وهو طريق الحق، ومعناه لا أفتر عن إفسادهم. وانتصابه على الظرفية أو على نزع الجارّ.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ١٧]]

ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ (١٧)

ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ أي من جميع الجهات الأربع. مثّل قصده إياهم بالتسويل والإضلال من أي وجه يمكنه، بإتيان العدوّ من الجهات الأربع التي يعتاد هجومه منها. ولذلك لم يذكر الفوق والتحت وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ أي مستعملين لقواهم وجوارحهم، وما أنعم الله به عليهم في طريق الطاعة والتقرب إلى الله. وإنما قال ذلك لما رآه من الأمارات على طريق الظن، كقوله: وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [سبأ: ٢٠] .

روى الإمام أحمد «١» عن سبرة بن الفاكه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه، فقعد له بطريق الإسلام، فقال: أتسلم وتذر دينك ودين آبائك وآباء أبيك؟ قال: فعصاه فأسلم. ثم قعد له بطريق الهجرة فقال: أتهاجر وتدع أرضك وسماءك، وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطول. قال: فعصاه فهاجر. قال: ثم قعد له بطريق الجهاد فقال له: هو جهاد النفس والمال. فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال؟ قال: فعصاه فجاهد. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فمن فعل ذلك منهم فمات، كان حقّا على الله أن يدخله الجنة، أو قتل كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة، وإن غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة، أو وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة» .

وقال الحافظ: ورد في الحديث استعاذة من تسلط الشيطان على الإنسان من جهاته كلها،

فروى الإمام أحمد «٢» وأبو داود «٣» والنسائي «٤» وابن ماجة «٥» وابن حبان


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند ٣/ ٤٨٣.
(٢) أخرجه في المسند ٢/ ٢٥، والحديث رقم ٤٧٨٥.
(٣) أخرجه أبو داود في: الأدب، ١٠١- باب ما يقول إذا أصبح، حديث ٥٠٧٤.
(٤)
أخرج النسائي قوله (اللهم إني أعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي) في: الاستعاذة، ٦٠- باب الاستعاذة من الخسف
. (٥) أخرجه ابن ماجة في: الدعاء، ١٤- باب ما يدعو به الرجل إذا أصبح وإذا أمسى، حديث رقم ٣٨٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>