للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يكن محرّما، دلالة على تقليدهم في الغي. والمعنى على نفي الإنزال والسلطان معا على الوجه الأبلغ- انتهى- قال الرازيّ: وهذه الآية من أقوى الدلائل على أن القول بالتقليد باطل. وتبعه القاضي فقال: في الآية تنبيه على تحريم اتباع ما لم يدل عليه برهان وَقد حرّم عليكم أَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ أي: تتقوّلوا عليه، وتفتروا الكذب في التحليل والتحريم، أو في الشرك.

[تنبيه:]

قال الجشمي: تدل الآية على تحريم جميع الذنوب، لأن قوله (الفواحش والإثم) يشتمل على الصغير والكبير، والأفعال القبيحة، والعقود المخالفة للشرع، والأقاويل الفاسدة، والاعتقادات الباطلة. ودخل في قوله ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ أفعال الجوارح، وأفعال القلوب والخيانات، والمكر، والخديعة، ودخل تحت قوله وَالْبَغْيَ كل ظلم يتعدى على الغير، فيدخل فيه ما يفعله البغاة والخوارج، والأمراء إذا انتصروا بغير حق. ودخل تحت قوله وَأَنْ تُشْرِكُوا تحريم كل شرك وعبادة لغير الله. ودخل تحت قوله وَأَنْ تَقُولُوا كل بدعة وضلالة وفتوى بغير حق، وشهادة زور ونحوه. فالآية جامعة في المحرمات، كما أن ما قبلها جامعة في المباحات. وفيه تعليم للآداب، دينا ودنيا، وتدل على بطلان التقليد، لأنه أوجب اتباع الحجة، لقوله ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً، والسلطان الحجة. وتدل على أن لكل أحد وقت حياة، ووقت موت، لا يجوز فيه التقديم والتأخير، فيبطل قول من يقول: المقتول مات قبل أجله. انتهى.

ثم أوعد تعالى أهل مكة بالعذاب النازل في أجل معلوم عنده سبحانه، كما نزل بالأمم، فقال تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ٣٤]]

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤)

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ أي: مدة أو وقت لنزول العذاب بهم فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ أي:

ميقاتهم المقدر لهم لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ أي: لا يتركون بعد الأجل شيئا قليلا من الزمان، ولا يهلكون قبله كذلك. والساعة مثل في غاية القلة من الزمان.

[لطائف]

١- وقع هذا التركيب في موضع من التنزيل، وفيه بحث مشهور: وهو أنه لما

<<  <  ج: ص:  >  >>