للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لطيفة:]

بيّن الزمخشري سرّ حبسهم على الأعراف، ثم إدخالهم الجنة أبدع بيان، فقال رحمه الله: يقال لأصحاب الأعراف: ادخلوا الجنّة، وذلك بعد أن يحبسوا على الأعراف، وينظروا إلى الفريقين، ويعرفوهم بسيماهم، ويقولوا ما يقولون. وفائدة ذلك بيان أن الجزاء على قدر الأعمال، وأن التقدم والتأخر على حسبها، وأن أحدا لا يسبق عند الله إلا بسبقه في العمل، ولا يتخلف عنده إلا بتخلفه فيه، وليرغب السامعون في حال السابقين ويحرصوا على إحراز قصبتهم، وليتصوروا أن كل أحد يعرف ذلك اليوم بسيماه التي استوجب أن يوسم بها من أهل الخير والشر، فيرتدع المسيء عن إسائته، ويزيد المحسن في إحسانه، وليعلم أن العصاة يوبخهم كل أحد، حتى أقصر الناس عملا- انتهى-.

ثم بيّن تعالى ذلّة أهل النار وسؤالهم أهل الجنة من شرابهم وطعامهم، بعد التكبر عليهم، وبعد ما أقسموا لا ينالهم الله برحمة، وأنهم لا يجابون إلى ذلك، بقوله سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ٥٠]]

وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ (٥٠)

وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أي: الذي رحمكم الله به ليسكن حرارة النار والعطش. قال الجشميّ: وذكروا لفظ (الإفاضة) لأن أهل الجنة أعلى مكانا. أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ أي: من الأطعمة والفواكه قالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ أي: منعهما عنهم، لأنه أنعم عليهم في الدنيا، فلم يشكروه، فمنعهم نعمه في الآخرة. فالتحريم تحريم منع، لا تحريم تعبد. ثم وصف الكافرين بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ٥١]]

الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٥١)

الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً أي: مما زينه لهم الشيطان. واللهو: كل ما

<<  <  ج: ص:  >  >>