للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حديث الحسن عن أبي هريرة، وهو منقطع، فإن الحسن لم يسمع من أبي هريرة، ولكن يقويه حديث أبي ذر المرفوع. فإن كان ثابتا، فمعناه موافق لهذا. فإن

قوله صلى الله عليه وسلّم: لو أدلى أحدكم بحبل لهبط على الله، إنما هو تقدير مفروض

، أي لو وقع الإدلاء الوقع عليه، لكن لا يمكن أن يدلي أحد على الله عز وجل شيئا، لأنه عال بالذات، وإذا أهبط شيء إلى جهة الأرض وقف في المركز. والمقصود بيان إحاطة الخالق سبحانه، كما بيّن أنه يقبض السموات، ويطوي الأرض، ونحو ذلك مما فيه بيان إحاطته تعالى، ولهذا قرأ في تمام الحديث:

هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [الحديد: ٣] وهذا كله على تقدير صحته، فإن الترمذي لما رواه قال: وفسره بعض أهل العلم بأنه هبط على علم الله. وبعض الحلولية والاتحادية يظن أن فيه ما يدل على زعمه الباطل من أنه سبحانه حالّ بذاته في كل مكان، أو أن وجوده وجود الأمكنة ونحو ذلك.

وكذلك تأويله بالعلم غير مستقيم، بل على تقدير ثبوته، فالمراد به الإحاطة، ونحن لا نتكلم إلا بما نعلم، وما لم نعلمه أمسكنا عنه. وقد فطر الله تعالى الناس على التوجه في الدعاء إلى جهة العلوّ، وقال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً، فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها [الروم: ٣٠] . فجاءت الشريعة بالعبادة والدعاء بما يوافق الفطرة.

وقد ثبت في الصحيحين «١» أنه صلّى الله عليه وسلّم قال: «إذ قام أحدكم إلى الصلاة فلا


ورسوله أعلم قال «بينكم وبينها مسير خمسمائة سنة» ثم قال «هل تدرون ما فوق ذلك» ؟ قالوا:
الله ورسوله أعلم. قال «فإن فوق ذلك سماءين، ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة» حتى عدّد سبع سموات، ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض. ثم قال «هل تدرون ما فوق ذلك» ؟
قالوا: الله ورسوله أعلم قال «فإن فوق ذلك العرش. وبينه وبين السماء بعد مثل ما بين المساءين» ثم قال «هل تدرون ما الذي تحتكم» ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فإنها الأرض» ثم قال تدرون ما الذي تحت ذلك» ؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال «فإن تحتها الأرض الأخرى، بينهما مسيرة خمسمائة سنة» حتى عدّد سبع أرضين، بين كل أرضين مسيرة خمسمائة سنة. ثم قال «والذي نفس محمد بيده! لو أنكم دليتم رجلا بحبل إلى الأرض السفلى، لهبط على الله» .
ثم قرأ: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ.
(قال أبو عيسى) : هذا حديث غريب من هذا الوجه.
قال: ويروى عن أيوب ويونس بن عبيد وعليّ بن زيد قالوا: لم يسمع الحسن من أبي هريرة (أقول) في سماع الحسن من أبي هريرة، انظر تعليق السيد أحمد محمد شاكر على الحديث رقم ٧١٣٨ من مسند أحمد.
(١) أخرجه البخاري في: الصلاة، ٣٣- باب حك البزاق باليد من المسجد، حديث ١٨٠ عن أنس.
و٣٦- باب ليبزق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى، حديث ٢٧٢ عن أبي سعيد الخدري.

<<  <  ج: ص:  >  >>