للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنا أَوْ لَتَعُودُنَ

أي إلى ترك دعوى الرسالة، والإقرار بها، داخلين فِي مِلَّتِنا أي ملة المشركين.

قال الجشمي: الملة الديانة التي يجمع على العمل بها فرقة عظيمة. والأصل فيه تكرر الأمر، من قولهم: طريق ممل ومليل، إذا تكرر سلوكه حتى صار معلما.

ومنه الملل: تكرار الشيء على النفس حتى تضجر منه- انتهى.

قالَ أي شعيب أَوَلَوْ كُنَّا كارِهِينَ أي: أتجبروننا على ذلك، وإن كنا كارهين له؟ مع أنه لا فائدة في الإكراه، لأن دينكم إن كان حقّا، لم نكن بالإكراه منقادين له، وإن كان باطلا، لم نكن بالإكراه متصفين به، لأنه بالحقيقة صفة القلب، ولا يسري إكراهكم إليه. وكيف لا نكرهه وهو يستلزم غاية القبح والظلم.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ٨٩]]

قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ (٨٩)

قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً أي اختلفنا عليه باطلا بأن له شريكا إِنْ عُدْنا إلى ترك دعوى الرسالة والإقرار بها، لندخل فِي مِلَّتِكُمْ القائلة بأن له شريكا بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها فأرانا أنه كالإنجاء من النار وَما يَكُونُ أي ينبغي لَنا أَنْ نَعُودَ أي عن دعوى الرسالة والإقرار بها فنصير فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا أي الذي يربّينا بما علم من استعدادنا، لأنه وَسِعَ رَبُّنا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أي فعلم استعداد كل واحد في كل وقت، لكن عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنا أي ليحفظنا عن المصير إليها رَبُّنا إن قصدوا إكراهنا عليها أو إخراجنا من قريتهم افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ فغلبنا عليهم وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ أي خير الحاكمين، فلا تغلّب الظالمين وإن كثروا، على المظلومين إذا استفتحوك.

[تنبيهات:]

الأول- اعلم أن ظاهر قوله تعالى أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا وقوله بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها يدل على أن شعيبا عليه السلام كان على ملتهم قبل بعثته. ومعلوم عصمة الأنبياء عن الكبائر، فضلا عن الشرك.

<<  <  ج: ص:  >  >>