للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَماذا تَأْمُرُونَ أي تشيرون في أمره. وهذا من تمام الحكاية عن قول الملأ، أو مستأنف من قول فرعون، تقديره فقال: ماذا تأمرون؟ ويدل عليه قوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ١١١]]

قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ (١١١)

قالُوا أَرْجِهْ وَأَخاهُ أي أخّر أمرهما وأصدرهما عنك، حتى ترى رأيك فيهما، وتدبر شأنهما، لئلا تنسب إلى الظلم الصريح.

قال أبو منصور: والأمر بالتأخير دل على أنه تقدم منه أمر آخر، وهو الهمّ بقتله، فقالوا أخّره ليتبين حاله للناس، وأصل أَرْجِهْ أرجئه، كما قرئ كذلك. من (أرجأت) وَأَرْسِلْ فِي الْمَدائِنِ أي مدائن الصعيد من نواحي مصر حاشِرِينَ أي من يحشر لك السحرة ويجمعهم.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأعراف (٧) : آية ١١٢]]

يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ عَلِيمٍ (١١٢)

يَأْتُوكَ بِكُلِّ ساحِرٍ وقرى (سحّار) عَلِيمٍ أي ماهر في باب السحر، ليعارضوا موسى ما أراهم من البينات.

[تنبيه:]

قال الجشمي: تدل الآية على عظيم معجزة لموسى، وتدل على جهل فرعون وقومه، حيث لم يعلموا أن قلب العصا حية تسعى لا يقدر عليه غير الله تعالى، حتى نسبوه إلى السحر. وتدل على أن عادة البشر، أن من رأى أمرا عظيما أن يعارضه.

فلذلك دعا فرعون بالسحرة. فدل على أن العرب لو قدروا على مثل القرآن، لعارضوه.

وتدل على أن الطريق في المعجزات، المعارضة بإتيان مثله، ولذلك قال تعالى في القرآن: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ [يونس: ٣٨] . ولذلك لم يتكلف فرعون وقومه غير المعارضة وإيقاع الشبه. وتدل أنهم أنكروا أمره محافظة على الملك والمال، لذلك قالوا يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فيدل على أن من أقوى الدواعي إلى ترك الدين، المحافظة على الرياسة والمال والجاه، كما هو عادة الناس في هذا الزمن.

انتهى.

ثم تسابقت شرط فرعون، فحشروهم. كما قال تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>