للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول: ربّه يربّه فهو ربّ كما تقول: نمّ عليه ينمّ فهو نمّ- فهو صفة مشبهة، ويجوز أن يكون مصدرا بمعنى التربية وهي: تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا. وصف به الفاعل مبالغة كما وصف بالعدل. والرب- باللام- لا يقال إلا لله عزّ وجلّ. وهو في غيره على التقييد بالإضافة- كربّ الدار- ومنه قوله تعالى: ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ [يوسف: ٥٠] إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ [يوسف: ٢٣] .

والْعالَمِينَ جمع عالم وهو: الخلق كله وكل صنف منه. وإيثار صيغة الجمع لبيان شمول ربوبيته تعالى لجميع الأجناس. والتعريف لاستغراق أفراد كل منها بأسرها.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفاتحة (١) : آية ٣]]

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣)

إيرادهما عقد وصف الربوبية من باب قرن الترغيب بالترهيب الذي هو أسلوب التنزيل الحكيم.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الفاتحة (١) : آية ٤]]

مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤)

قرأ عاصم والكسائيّ بإثبات ألف مالِكِ والباقون بحذفها. قال الزمخشريّ:

ورجحت قراءة (ملك) لأنه قراءة أهل الحرمين، وهم أولى الناس بأن يقرءوا القرآن غضا طريا كما أنزل، وقراؤهم الأعلون رواية وفصاحة. ولقوله تعالى: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر: ١٦] فقد وصف ذاته بأنه الملك يوم القيامة. والقرآن يتعاضد بعضه ببعض، وتتناسب معانيه في المواد. وثمة مرجحات أخرى.

وقال بعضهم: إن قراءة مالِكِ أبلغ، لأن الملك هو الذي يدبر أعمال رعيته العامة، ولا تصرّف له بشيء من شؤونهم الخاصة. وتظهر التفرقة في عبد مملوك في مملكة لها سلطان، فلا ريب أن مالكه هو الذي يتولى جميع شؤونه دون سلطانه.

ومن وجوه تفضيلها: إنها تزيد بحرف، ولقارئ القرآن بكل «١» حرف عشر حسنات


(١)
أخرج الترمذي في ثواب القرآن، باب ما جاء فيمن قرأ حرفا من القرآن ما له من الأجر. عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من قرأ حرفا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها. لا أقول: آلم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف» .

<<  <  ج: ص:  >  >>