للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال النووي: اتفق العلماء على أن هذا الحديث ليس فيه حصر لأسمائه سبحانه وتعالى. وليس معناه أنه ليس له أسماء غير هذه التسعة والتسعين، وإنما المقصود من الحديث الإخبار عن دخول الجنة بإحصائها، لا الإخبار بحصرها. ولهذا جاء في الحديث «١» الآخر: أسألك بكل اسم سميت به نفسك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك. وقد ذكر الحافظ أبو بكر بن العربي المالكي عن بعضهم، أن لله ألف اسم. انتهى.

وقال السيد اليمانيّ في (إيثار الحق) : عادة المتكلمين أن يقتصروا هنا على اليسير من الأسماء، ولا ينبغي ترك شيء منها، ولا اختصاره! فإن ذلك كالاختصار للقرآن الكريم. ولو كان منها شيء لا ينبغي اعتقاده ولا ذكره، ما ذكره الله تعالى في القرآن العظيم. وعادة بعض المحدثين أن يوردوا جميع ما ورد في الحديث المشهور في تعدادها، مع الاختلاف الشهير في صحته. وحسبك أن البخاري ومسلما تركا تخريجه مع رواية أوله. واتفاقهما على ذلك يشعر بقوة العلة فيه، ولكن الأكثرين اعتمدوا ذلك تعرضا لفضل الله العظيم في وعده، من أحصاها، بالجنة كما اتفق على صحته. وليس يستيقن إحصاؤها بذلك إلا لو لم يكن لله سبحانه اسم غير تلك الأسماء. فأما إذا كانت أسماؤه سبحانه أكثر من أن تحصى، بطل اليقين بذلك، وكان الأحسن الاقتصار على ما في كتاب الله، وما اتفق على صحته بعد ذلك، وهو النادر وقد ثبت أن أسماء الله تعالى أكثر من ذلك المرويّ بالضرورة والنص. أما الضرورة، فإن في كتاب الله أكثر من ذلك. وأما النص،

فحديث ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أنه قال «٢» : «ما قال عبد أصابه همّ أو حزن: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل فيّ قضاؤك. أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي وغمي، إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله مكان حزنه فرحا» - رواه أحمد، وأبو عوانة في (صحيحه) وأبو يعلى والبزار.

ثم أخذ اليمانيّ يذكر ما وجده من الأسماء منصوصا، غير معرّج على التقليد.

فانظره في (إيثار الحق) فإنه جوّد البحث بمنزع شريف.


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند ١/ ٣٩١ والحديث رقم ٣٧١٢.
(٢) أخرجه الإمام أحمد في المسند ١/ ٣٩١. والحديث رقم ٣٧١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>