للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ٢٨]]

وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (٢٨)

وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ

أي محنة من الله ليبلوكم، هل تقعون بهما في الخيانة، أو تتركون لهما الاستجابة لله ولرسوله، أو لا تلهون بهما عن ذكره، ولا تعتاضون بهما منه. فسموا (فتنة) اعتبارا بما ينال الإنسان من الاختبار بهم.

ويجوز أن يراد (بالفتنة) الإثم أو العذاب، فإنهم سبب الوقوع في ذلك.

قال الحاكم: قد أمر الله بالعلم بذلك. وطريق العلم به التفكر في أحوالهما وزوالهما، وقلة الانتفاع بهما، وكثرة الضرر، وأنه قد يعصي الله بسببهما.

وقوله تعالى: وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ

أي لمن آثر رضاه على جمع المال وحب الولد، فلم يورط نفسه من أجلهما. وقد جاء التحذير من فتنتهما صراحة مع الترهيب الشديد في قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ [المنافقون: ٩] . قيل:

هذه الآية من جملة ما نزل في أبي لبابة، وما فرط منه لأجل ماله وولده.

ولما حذر تعالى، فيم تقدم، عن الفتنة بالأموال والأولاد، بشر من اتقاه في الافتتان بهما، وفي غيره بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ٢٩]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٢٩)

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ قال المهايمي: أشار تعالى إلى أن من ترك الخيانة، واستجاب لله، فلا يخاف على أهله وماله وعرضه، أي كما خاف أبو لبابة. فإن من اتقاه تعالى فلا يجترئ أحد على أهله وحوزته، لأنه يؤتى فرقانا يفارق به سائر الناس من المهابة والإعزاز. انتهى.

وقيل: فُرْقاناً أي نصرا، لأنه يفرق بين الحق والباطل، وبين الكفر بإذلال حزبه، والإسلام بإعزاز أهله. ومنه قوله تعالى: يَوْمَ الْفُرْقانِ [الأنفال: ٤١] . وقيل:

بيانا وظهورا يشهر أمركم، ويبث صيتكم وآثاركم في أقطار الأرض من قولهم: بت

<<  <  ج: ص:  >  >>