للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه النصر المتفرع عليه الغنيمة خُمُسَهُ شكرا له على نصره وإعطائه الغنيمة وَلِلرَّسُولِ أي الذي هو الأصل في أسباب النصر وَلِذِي الْقُرْبى وهم بنو هاشم والمطلب وَالْيَتامى أي من مات آباؤهم ولم يبلغوا، لأنهم ضعفاء وَالْمَساكِينِ لأنهم أيضا ضعفاء كاليتامى وَابْنِ السَّبِيلِ وهو المسافر الذي قطع عليه الطريق ويريد الرجوع إلى بلده، ولا يجد ما يتبلغ بهم.

[وفي هذه الآية مسائل:]

الأولى- قال الفقهاء: (الغنيمة) المال المأخوذ من الكفار بإيجاف الخيل والركاب، أي ما ظهر عليه المسلمون بالقتال. وهل هي والفيء والنفل شيء واحد أو لا؟ وسنفصله في آخر المسائل.

الثانية- (ما) في أَنَّما بمعنى الذي، والعائد محذوف، وكان حقها، على أصولهم، أن تكتب مفصولة. قال الشهاب: وقد أجيز في (ما) هذه أن تكون شرطية.

الثالثة- قوله تعالى: مِنْ شَيْءٍ، بيان للموصول، محله النصب، على أنه حال من عائد الموصول، قصد به الاعتناء بشأن الغنيمة، وألا يشذ عنها شيء، أي ما غنمتموه كائنا ما كان يقع عليه اسم الشيء، حتى الخيط والمخيط.

الرابعة- (الخمس) بضم الميم، وسكونها، لغتان قد قرئ بهما.

الخامسة- أفادت الآية أن الواجب في المغنم تخميسه، وصرف الخمس إلى من ذكره الله تعالى، وقسمة الباقي بين الغانمين بالعدل، للراجل سهم، وللفارس ذي الفرس العربيّ ثلاثة أسهم، سهم له، وسهمان لفرسه. هكذا قسم النبيّ صلّى الله عليه وسلّم عام خيبر. ومن الفقهاء من يقول: للفارس سهمان. والأول هو الذي دلت عليه السنة الصحيحة، ولأن الفرس يحتاج إلى مؤونة نفسه وسائسه، ومنفعة الفارس به أكثر من منفعة رجلين. ومنهم من يقول: يسوى بين الفرس العربيّ والهجين في هذا.

الهجين يسمى البرذون والأكديش. ويجب قسمتها بينهم بالعدل، فلا يحابي أحد، لا لرئاسته ولا لنسبه ولا لفضله، كما كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وخلفاؤه يقسمونها.

وفي صحيح البخاري «١»

أن سعد بن أبي وقاص رأى أنّ له فضلا على من دونه،


(١) أخرجه البخاري في: الجهاد، ٧٦- باب من استعان بالضعفاء والصالحين في الحرب، حديث رقم ١٣٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>