للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ٤٩]]

إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٩)

إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ أي بالمدينة. و (إذ) منصوب ب (اذكر) مقدرا، أو ب (زين) وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يجوز أن يكون من صفة المنافقين، وتوسطت الواو لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف، لأن هذه صفة للمنافقين، لا تنفك عنهم.

قال تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ [البقرة: ١٠] . أو تكون الواو داخلة بين المفسّر والمفسّر نحو: أعجبني زيد وكرمه. ويجوز أن يراد: الذين هم على حرف، ليسوا بثابتي الأقدام في الإسلام. وعن الحسن: هم المشركون. غَرَّ هؤُلاءِ يعنون المؤمنين دِينُهُمْ فظنوا أنهم ينصرونهم به على أضعافهم وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ أي من يعتمد عليه سبحانه وتعالى فإنه ينصره على أضعافه، بالغين ما بلغوا، لأنه عزيز غالب على ما أراد، وهو يريد نصر أوليائه حكيم، وحكمته تقتضي نصرهم. وهو جواب لهم من جهته تعالى، ورد لمقالتهم.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الأنفال (٨) : آية ٥٠]]

وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٥٠)

وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا أي يقبض أرواحهم الْمَلائِكَةُ أي ملائكة القهر والعذاب مما يناسب هيئات نفوسهم يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ لإعراضهم عن الحق، ولهيآت الكبر والعجب والنخوة فيها وَأَدْبارَهُمْ لميلهم إلى الباطل، وشدة انجذابهم إليه، ولهيئات الشهوة والحرص والشره وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ عطف على (يضربون) بإضمار القول. أي: ويقولون ذوقوا بشارة لهم بعذاب الآخرة.

وجواب (لو) محذوف، لتفظيع الأمر وتهويله.

وقال ابن كثير: وهذا السياق، وإن كان سببه وقعة بدر، ولكنه عامّ في حق كل كافر. وفي سورة القتال مثل هذه الآية. وتقدم في الأنعام نحوها، وهو قوله تعالى:

وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ [الأنعام:

٩٣] ، أي بالضرب فيهم بأمر ربهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>