للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما ذاك إلا بلطيف صنعه، وبليغ قدرته. انتهى.

وإنما ضعف القول الثاني لأنه ليس في السياق قرينة عليه. كذا في (العناية) .

أقول: لكن شهرة ما كان بين هذين البطنين من التعادي الذي تطاول أمده، واستحال قبل البعثة نضوب مائه، يصلح أن يكون قرينة. ونقل علماء السيرة أن النبيّ صلى الله عليه وسلّم، لما لقي في الموسم الرهط من الخزرج، ودعاهم إلى الله تعالى. فأجابوه وصدقوه، قالوا له: إنا قد تركنا قومنا، ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، وعسى أن يجمعهم الله بك، فسنقدم عليهم فندعوهم إلى أمرك، نعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليه فلا رجل أعزّ منك. رواه ابن إسحاق وغيره.

وفي الصحيحين «١»

أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لما خطب الأنصار في شأن غنائم (حنين) قال لهم يا معشر الأنصار! ألم أجدكم ضلّالا فهداكم الله بي؟ وعالة فأغناكم الله بي وكنتم متفرقين فألفكم الله بي؟ كلما قال شيئا قال: الله ورسوله أمنّ.

[لطيفة:]

روى الحاكم أن ابن عباس كان يقول: إن الرحم لتقطع، وإن النعمة لتكفر، وإن الله إذا قارب بين القلوب لم يزحزحها شيء. ثم يقرأ: لَوْ أَنْفَقْتَ ما فِي الْأَرْضِ ...

الآية.

وعند البيهقي نحوه. وقال: ذلك موجود في الشعر:

إذا بتّ ذو قربى إليك بزلة ... فغشّك واستغنى فليس بذي رحم

ولكنّ ذا القربى الذي إن دعوته ... أجاب، وأن يرمي العدوّ الذي ترمي

قال: ومن ذلك قول القائل:

ولقد صحبت الناس ثم سبرتهم ... وبلوت ما وصلوا من الأسباب

فإذا القرابة لا تقرّب قاطعا ... وإذا المودة أقرب الأسباب

قال البيهقي: لا أدري هذا موصولا بكلام ابن عباس، أو هو قول من دونه من الرواة.


(١) أخرجه البخاري في: المغازي، ٥٦- باب غزوة الطائف في شوّال سنة ثمان، الحديث رقم ١٩٣١ عن عبد الله بن زيد بن عاصم.
وأخرجه مسلم في: الزكاة، حديث رقم ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>