للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ما لَكُمْ إِذا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ أي تثاقلتهم وتباطأتم. والاستفهام في ما لَكُمْ فيه معنى الإنكار والتوبيخ.

وقوله إِلَى الْأَرْضِ متعلق ب اثَّاقَلْتُمْ على تضمينه معنى الميل والإخلاد، أي اثاقلتم مائلين إلى الدنيا وشهواتها الفانية عما قليل، وكرهتم مشاقّ الغزو، المستتبعة للراحة الخالدة، كقوله تعالى: أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ [الأعراف: ١٧٦] . أو مائلين إلى الإقامة بأرضكم ودياركم. وكان ذلك في غزوة تبوك في سنة عشر بعد رجوعهم من الطائف، استنفروا لغزو الروم في وقت عسرة وقحط وقيظ، وقد أدركت ثمار المدينة وطابت ظلالها، مع بعد الشقة، وكثرة العدوّ، فشق عليهم.

وقوله تعالى: أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا أي الحقيرة الفانية مِنَ الْآخِرَةِ أي بدل الآخرة ونعيمها الدائم فَما مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا أظهر في مقام الإضمار لزيادة التقرير، أي فما التمتع بلذائذها فِي الْآخِرَةِ أي في جنب الآخرة أي إذا قيست إليها، و (في) هذه تسمى (في القياسية) لأن المقيس يوضع بجنب ما يقاس به إِلَّا قَلِيلٌ أي مستحقر لا يؤبه له.

روى الإمام أحمد «١» ومسلم»

عن المستورد قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه هذه في اليم، فلينظر بم ترجع- وأشار بالسبابة-.

ثم توعد تعالى من لم ينفر إلى الغزو، بقوله سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ٣٩]]

إِلاَّ تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٣٩)

إِلَّا تَنْفِرُوا يُعَذِّبْكُمْ عَذاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ أي لنصرة نبيه، وإقامة دينه وَلا تَضُرُّوهُ شَيْئاً لأنه الغني عن العالمين، أي وإنما تضرون أنفسكم. وقيل:


(١) أخرجه الإمام أحمد في المسند ٤/ ٢٢٩.
(٢) أخرجه مسلم في: الجنة وصفة نعيمها وأهلها، حديث رقم ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>