للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حول المدينة. والْمُعَذِّرُونَ فيه قراءتان، التشديد والتخفيف، والمشددة لها تفسيران:

أحدهما- من (عذر في الأمر) إذا قصر فيه وتوانى ولم يجدّ، فتكلف العذر، فعذره باطل.

والثاني- من (اعتذر) ، وهو محتمل لأن يكون عذره باطلا وحقّا، وأصله، عليهما، (معتذرون) نقلت فتحة التاء إلى العين، وقلبت التاء ذالا، وأدغمت فيها.

وأما التخفيف فهي من (أعذر) إذا كان له عذر، وهم صادقون على هذا.

وقوله تعالى: وَقَعَدَ الَّذِينَ كَذَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ أي في دعوى الإيمان، وهم منافقو الأعراب الذين لم يجيئوا، ولم يعتذروا، بل قعدوا من قلة المبالاة بالله ورسوله.

ثم أوعدهم تعالى بقوله: سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ الضمير في مِنْهُمْ إما للأعراب مطلقا، فالذين كفروا منافقوهم، أو أعم، وإما للمعذرين، فإن منهم من اعتذر لكسله، لا لكفر، وجوّز أن يكون المعنى بالذين كفروا منهم، المصرون على الكفر.

ثم بين تعالى الأعذار التي لا حرج على من قعد معها عن القتال، فذكر منها ما هو لازم للشخص لا ينفك عنه، وما هو عارض عنّ له بسبب مرض شغله عن الخروج في سبيل الله، أو بسبب عجزه عن التجهز للحرب، وبدأ بالأول فقال سبحانه:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة التوبة (٩) : آية ٩١]]

لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩١)

لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ وهم العاجزون مع الصحة، عن العدو، وتحمل المشاق، كالشيخ والصبي والمرأة والنحيف وَلا عَلَى الْمَرْضى أي العاجزين بأمر عرض لهم، كالعمى والعرج والزمانة وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ ما يُنْفِقُونَ أي ولا على الأقوياء والأصحاء الفقراء والعاجزين عن الإنفاق في السفر والسلاح حَرَجٌ أي إثم في القعود، و (الحرج) أصل معناه الضيق، ثم استعمل للذنب، وهو المراد إِذا نَصَحُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>