للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَرَيْنَ أي السفن بِهِمْ أي بالذين فيها بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ أي لينة الهبوب، موافقة للمرغوب وَفَرِحُوا بِها لأمن الآيات جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ أي ذات شدة وَجاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ أي أحاط بهم أسباب الهلاك.

وهي شدة الموج والريح دَعَوُا اللَّهَ أي للتخلص منها مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وهو الدعاء لأنهم حينئذ لا يدعون معه غيره لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ أي العابدين لك شكرا.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يونس (١٠) : آية ٢٣]]

فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٢٣)

فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أي يفسدون فيها، ويسارعون إلى ما كانوا عليه من الشرك ونحوه يا أَيُّهَا النَّاسُ أي الناسين نعمة الخلاص بالإخلاص واستجابة الدعاء إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أي وباله عليكم. مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا خبر محذوف أو هو متاع. أو خبر ثان أو هو الخبر ل (بغيكم) و (على) متعلق به. وقرئ بالنصب مصدر لمحذوف، أي نمتعكم. أو مفعول به له. أي تبغون. ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي في الدنيا وهو وعيد بجزائهم على البغي.

ثم بيّن تعالى شأن الدنيا وقصر مدة التمتع بها وقرب زمان الرجوع. الموعود بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يونس (١٠) : آية ٢٤]]

إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (٢٤)

إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ أي امتزج به لسريانه فيه، فالباء للمصاحبة، أو هي للسببية أي اختلط بسببه حتى خالط بعضه بعضا، أي التف بعضه ببعض، والأول أظهر مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ من الزروع

<<  <  ج: ص:  >  >>