للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السّلام، أي من الآفات والنقائص، لذكر الدنيا بما يقابله من كونها معرضا للآفات كما مرّ، فقال سبحانه:

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يونس (١٠) : الآيات ٢٥ الى ٢٦]

وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٢٥) لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (٢٦)

وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ أي يدعو الخلق بتوحيده إلى جنته وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ أي دين قيم يرضاه، وهو الإسلام.

لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ أي للذين أحسنوا النظر، فعرفوا مكر الدنيا والشهوات فأعرضوا عنها، وتوجهوا إلى الله تعالى، فعبدوه كأنهم يرونه، المثوبة الحسنى، وهي الجنة، وزيادة على المثوبة، وهي التفضل كما قال تعالى: وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ [النساء: ١٧٣] ، و [النور: ٣٨] ، و [فاطر: ٣٠] ، و [الشورى: ٢٦] ، وأعظم أنواعه النظر إلى وجه تعالى الكريم. ولذا تواتر تفسيرها بالرؤية عن غير واحد من الصحابة والتابعين. ورفعها ابن جرير إلى النبي صلوات الله عليه، عن أبي موسى وكعب بن عجرة، وأبيّ. وكذا ابن أبي حاتم.

وروى الإمام أحمد «١» عن صهيب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا ... إلخ. وقال: إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار، نادى مناد: يا أهل الجنة! إن لكم عند الله موعدا، يريد أن ينجزكموه. فيقولون: ما هو؟

ألم يثقل موازيننا، ألم يبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار النار؟ قال:

فيكشف لهم الحجاب فينظرون إليه، فو الله! ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر إليه، ولا أقر لأعينهم. وهكذا رواه مسلم «٢» .

وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ أي لا يغشاها غبرة سوداء من أثر حب الدنيا والشهوات وَلا ذِلَّةٌ أي أثر هوان، وكسوف بال، من أثر الالتفات إلى ما دون الله تعالى.


(١) أخرجه في مسنده ٦/ ١٥.
(٢) أخرجه مسلم في: الإيمان، حديث رقم ٢٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>