للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى قولنا: (جملة مقتضبة) أن نوحا عليه السلام أمرهم بالركوب، ثم أخبرهم بأن مجراها ومرساها بذكر اسم الله أو بأمره وقدرته. ويحتمل أن يكون غير مقتضبة، بأن تكون في موضع الحال من ضمير (الفلك) كأنه قيل: اركبوا فيها مجراة ومرساة بسم الله، بمعنى التقدير، كقوله: فَادْخُلُوها خالِدِينَ [الزمر: ٧٣] . انتهى-.

[تنبيهات:]

الأول- قرأ الإخوان- حمزة والكسائي وحفص- (مجراها) بفتح الميم، والباقون بضمها. واتفق السبعة على ضم ميم (مرساها) . وقد قرأ ابن مسعود والثقفي (مرساها) بفتح الميم أيضا. وقرئ بضم الميم وكسر الراء والسين وياء بعدهما، بلفظ اسم الفاعل. مجروري المحل، صفتين لله.

الثاني- ما وقع بعد الراء من الألفات المنقلبة عن الياء، التي للتأنيث، أو للإلحاق، أماله حمزة والكسائي وأبو عمرو، ووافقهم حفص في إمالة (مجراها) هنا، ولم يمل غيره.

الثالث- أخذ بعضهم من الوجه الأول في (بسم الله مجراها ومرساها) أعني تقدير قائلين، استحباب التسمية. وذكره تعالى عند ابتداء الجري والإرساء. وهو مؤيد بقول تعالى في سورة المؤمنون: فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ، وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكاً وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ [المؤمنون: ٢٨- ٢٩] ، وقوله تعالى: وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ، لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا [الزخرف: ١٢- ١٣] الآية، وجاءت السنة بالحث على ذلك، والندب إليه أيضا.

وقوله تعالى: إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ جملة مستأنفة، بيان للموجب للإنجاء، أي لولا مغفرته ورحمته لغرقتم وهلكتم مثل قومكم، أو تعليل ل (اركبوا) لما فيه من الإشارة إلى النجاة فكأنه قيل: اركبوا لينجيكم الله.

وقوله تعالى:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة هود (١١) : آية ٤٢]]

وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ (٤٢)

وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ متصل بمحذوف، دل عليه (اركبوا) ، أي فركبوا مسمين

<<  <  ج: ص:  >  >>