للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتوكيد القصة، فإذا قلت: يا عجباه! فكأنك قلت: اعجبوا.

و (الغلام) : الطارّ الشارب: أو من ولادته إلى أن يشبّ. والتنوين للتعظيم.

وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً أي أخفوه متاعا للتجارة ف بِضاعَةً حال. وفي (الفرائد) أنه ضمّن أَسَرُّوهُ معنى (جعلوه) أي جعلوه بضاعة مسرين، فهو مفعول به، أو مفعول له. أي: لأجل التجارة. و (البضاعة) من البضع، وهو القطع لأنه قطعة وافرة من المال تقتنى للتجارة: وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٢٠]]

وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠)

وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ الضمير في (أسرّوه) و (شروه) للسيارة لأنها بمعنى القوم السائرين.

وقد روي أنهم كانوا تجارا من بلدة مدين. فلما أصعد واردهم يوسف، وضمّوه إلى بضاعتهم، باعوه لقافلة مرت بهم سائرة إلى مصر بعشرين درهما من الفضة، ثم أتوا بيوسف إلى مصر.

و (دراهم) بدل من الثمن و (المعدود) ، كناية عن القليل، لأن الكثير يوزن عندهم. و (الزهد) فيه بمعنى الرغبة عنه.

[فوائد:]

قال في (الإكليل) ، استنبط الناس من هذه الآية أحكام اللقيط، فأخذوا منها أن اللقيط يؤخذ ولا يترك. ومن قوله: هذا غُلامٌ أنه كان صغيرا، وأن الالتقاط خاص به، فلا يلتقط الكبير، وكذا قوله وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ لأن ذلك أمر يختص بالصغار. ومن قوله: وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ أن اللقيط يحكم بحريته. وأن ثمن الحرّ حرام. قال بعضهم: وجه الاستدلال لأنهم باعوه بثمن حقير لكونه لقيطا، وهو لا يملك، إذ لو ملك استوفوا ثمنه.

قال بعض الزيدية. وردّ هذا الاستدلال بأن فعلهم ليس شريعة. وأما الآن فلا شبهة أن ظاهر اللقيط الحرية، كما أن ظاهره الإسلام.

قال المهايمي: ومن الفوائد أن الفرج قد يحصل من حيث لا يحتسب، وأنه ينتظر للشدة وأن من خرج لطلب شيء قد يجد ما لم يكن في خاطره. وأن الشيء الخطير قد يعرض فيه ما يهوّنه. وأن البشرى قد يعقبها الحزن، والعزة قد يعقبها الذلة. وبالعكس.

<<  <  ج: ص:  >  >>