للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

استشهدوا بعلمهم على براءتهم، لما تيقنوه من حالهم، في كرّتي مجيئهم.

القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : الآيات ٧٤ الى ٧٥]

قالُوا فَما جَزاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ (٧٤) قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (٧٥)

قالُوا فَما جَزاؤُهُ أي السارق إِنْ كُنْتُمْ كاذِبِينَ.

قالُوا أي لثقتهم ببراءتهم جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ أي جزاء سرقته، أخذ من وجد في رحله رقيقا. وهو قولهم: فَهُوَ جَزاؤُهُ تقريرا لذلك الحكم وإلزامه، أي: فأخذه جزاؤه لا غيره. ويجوز أن يكون جَزاؤُهُ مبتدأ، والجملة الشرطية كما هي خبره، على إقامة الظاهر مقام المضمر، والأصل جزاؤه من وجد في رحله فهو هو.

كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ أي بالسرقة، تأكيد إثر تأكيد، وبيان لقبح السرقة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ٧٦]]

فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦)

فَبَدَأَ أي فتى يوسف بِأَوْعِيَتِهِمْ أي ففتشها قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ أي بنيامين، نفيا للتهمة ثُمَّ اسْتَخْرَجَها أي السقاية مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ أي دبرنا لتحصيل غرضه ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ أي شرعه وقانونه. والجملة استئناف وتعليل لذلك الكيد وصنعه. أي: ما صح له أن يأخذ أخاه في قضاء الملك، فدبر تعالى ما حكم به إخوة يوسف على السارق، لإيصال يوسف إلى أربه، رحمة منه وفضلا. وفيه إعلام بأن يوسف ما كان يتجاوز قانون الملك، وإلا، لاستبد بما شاء، وهذا من وفور فطنته وكمال حكمته ويستدل به على جواز تسمية قوانين ملل الكفر (دينا) لها والآيات في ذلك كثيرة.

وقوله تعالى: إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ يعني: أن ذلك الأمر كان بمشيئة الله وتدبيره، لأن ذلك كله كان إلهاما من الله ليوسف وإخوته، حتى جرى الأمر وفق المراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>