للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٧] ، وقوله: أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا بَياتاً وَهُمْ نائِمُونَ، أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ، أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ [الأعراف: ٩٧- ٩٨- ٩٩] .

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة يوسف (١٢) : آية ١٠٨]]

قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨)

قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أي هذه السبيل، التي هي الدعوة إلى الإيمان والتوحيد، سبيلي، أي طريقي ومسلكي وسنتي. والسبيل والطريق يذكّران ويؤنّثان. ثم فسر سبيله: بقوله: أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ أي: إلى دينه وتوحيده، ومعرفته بصفات كماله، ونعوت جلاله عَلى بَصِيرَةٍ أي: مع حجة واضحة، غير عمياء. أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي أي: آمن بي، يدعون إلى الله أيضا على بصيرة، لا على هوى. وَسُبْحانَ اللَّهِ أي:

وأنزهه وأجله وأقدسه عن أن يكون له شريك أو ندّ أو كفء أو ولد أو صاحبة، تعالى عن ذلك علوّا كبيرا. وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ أي: على دينهم.

[تنبيهات:]

الأول- قال السمين أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ يجوز أن يكون مستأنفا، وهو الظاهر، وأن يكون حالا من الياء. وعَلى بَصِيرَةٍ حال من فاعل أَدْعُوا أي: أدعو كائنا على بصيرة وقوله: وَمَنِ اتَّبَعَنِي عطف على فاعل أَدْعُوا ولذلك أكد بالضمير المنفصل. ويجوز أن يكون مبتدأ، والخبر محذوف. أي: ومن اتبعني يدعو أيضا ويجوز أن يكون عَلى بَصِيرَةٍ خبرا مقدما، وأَنَا مبتدأ مؤخرا ومَنِ اتَّبَعَنِي عطف عليه ومفعول أَدْعُوا إما منويّ، أي الناس، أو منسي.

الثاني- دل قوله تعالى: عَلى بَصِيرَةٍ على مزية هذا الدين الحنيف، ونهجه الذي انفرد به، وهو أنه لم يطلب التسليم به لمجرد أنه جاء بحكايته، ولكنه ادعى وبرهن وحكى مذاهب المخالفين، وكرّ عليها بالحجة، وخاطب العقل، واستنهض الفكر، وعرض نظام الأكوان وما فيها من الإحكام والإتقان، على أنظار العقول، وطالبها بالإمعان فيها لتصل بذلك إلى اليقين بصحة ما ادعاه ودعا إليه- انظر (رسالة التوحيد) في تتمة ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>