للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأرض ضارب بعروقه فيها وَفَرْعُها أي أعلاها ورأسها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها أي ثمرها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها أي بإرادته وتكوينه وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ أي: لأن فيها زيادة إفهام وتذكير وتصوير للمعاني المعقولة بالصور المحسوسة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة إبراهيم (١٤) : آية ٢٦]]

وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٢٦)

وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ أي: استؤصلت وأخذت جثتها بالكلية مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ أي: لأن عروقها قريبة منه ما لَها مِنْ قَرارٍ أي: استقرار.

[تنبيه:]

لحظ في الممثل به- أعني الشجرة- أوصاف جليلة لتلحظ في جانب الممثل له. فمنها: كونها طيبة. أعم من طيب المنظر والصورة والشكل ومن طيب الريح.

وطيب الثمرة وطيب المنفعة. وكون أصلها ثابتا أي: راسخا باقيا في أمن من الانقلاع والانقطاع والزوال والفناء ليعظم الفرح به والسرور. وكون فرعها في السماء فدل على كمال حال تلك الشجرة من جهة ارتفاع أغصانها وقوتها في التصاعد، ممّا يبرهن على ثبات الأصل ورسوخ العروق، وجهة بعدها عن العفونات والأقذار فتكون ثمرتها نقية طاهرة طيبة عن جميع الشوائب وكون ثمرتها تجتنى كلّ حين فلا تنقطع بركاتها وخيراتها. ولا ريب أن وجود هذه الأوصاف مما يدل على فخامة الموصوف وإنافة فضله. ولا تخفى مطابقة هذا الممثّل به للممثل له- أعني الحق- وهو الإسلام الذي جاء به خاتم الأنبياء عليهم السلام.

ولمّا كان المثل مضروبا للحق والباطل في الثبات وعدمه، والقصد أهلهما، صرح بهما فذلك له، فقال في أهل المثل الأول:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة إبراهيم (١٤) : آية ٢٧]]

يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ (٢٧)

يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ القول الثابت هو الكلمة الطيبة التي ذكرت صفتها العجيبة وهو الحق. و (بالقول) جوّزوا تعلقه ب (يثبت) و (آمنوا) . والمعنى على الأول: ثبتهم بالبقاء على ذلك، أو ثبتهم في سؤال

<<  <  ج: ص:  >  >>