للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحسانا إلى نفسك أو غيرك. أفاده المهايميّ. وفي (الكشاف) : كانت الجاهلية تنحر إبلها وتتياسر عليها، وتبذر أموالها في الفخر والسمعة، وتذكر ذلك في أشعارها. فأمر الله بالنفقة في وجوهها. مما يقرب منه ويزلف.

إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ أي أمثالهم في كفران نعمة المال بصرفه فيما لا ينبغي. وهذا غاية المذمة لأن لا شرّ من الشيطان. أو هم إخوانهم أتباعهم في المصادقة والإطاعة. كما يطيع الصديق صديقه والتابع متبوعه، أو هم قرناؤهم في النار على سبيل الوعيد. والجملة تعليل المنهي عنه عن التبذير، ببيان أنه يجعل صاحبه مقرونا معهم. وقوله: وَكانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً من تتمة التعليل. قال أبو السعود: أي مبالغا في كفران نعمته تعالى. لأن شأنه أن يصرف جميع ما أعطاه الله تعالى من القوى، أي مبالغا في كفران نعمته تعالى. لأن شأنه أن يصرف جميع ما أعطاه الله تعالى من القوى، إلى غير ما خلقت له من أنواع المعاصي. والإفساد في الأرض، وإضلال الناس، وحملهم على الكفر بالله وكفران نعمه الفائضة عليهم، وصرفها إلى غير ما أمر الله تعالى به. وتخصيص هذا الوصف بالذكر. من بين سائر أوصافه القبيحة، للإيذان بأن التبذير، الذي هو عبارة عن صرف نعم الله تعالى إلى غير مصرفها، من باب الكفران، المقابل للشكر الذي هو عبارة عن صرفها إلى ما خلقت هي له. والتعرض لوصف الربوبية للإشعار بكمل عتوّه. فإن كفران نعمة الربّ، مع كون الربوبية من أقوى الدواعي إلى شكرها، غاية الكفران ونهاية الضلال والطغيان. انتهى.

وقد استدل بالآية من منع إعطاء المال كله في سبيل الخير، ومن منع الصدقة بكل ماله.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : آية ٢٨]]

وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً (٢٨)

وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً أي وإن أن أعرضت عن ذوي القربى والمسكين وابن السبيل، حياء من الردّ، لانتظار رزق من الله ترجوه أن يأتيك فتعطيه، فلا تؤيسهم وقل لهم قولا لينا سهلا، وعدهم وعدا جميلا. قال في (الكشف) : (ابتغاء) أقيم مقام فقدانه. وفيه لطف. فكأن ذلك الإعراض لأجل السعي لهم. وهو من وضع المسبب موضع السبب. فإن الفقد سبب للابتغاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>