للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمع مطلقا بين الأولين، وكذا بين الأخيرين. فالجواب: هو كذلك بعذر السفر أو المطر ونحوها. وأما في غيرها فلا وذلك لما بينته السنة من فعل كل واحدة في الوقت الخاص بها، إلا بعذر. قال الحافظ ابن كثير: قد بينت السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تواترا من أفعاله وأقواله، تفاصيل هذه الأوقات على ما عليه أهل الإسلام اليوم، مما تلقوه خلفا عن سلف، وقرنا بعد قرن، كما هو مقرر في مواضعه.

وقال العلامة أبو السعود: ليس المراد إقامتها فيما بين الوقتين على وجه الاستمرار، بل إقامة كل صلاة في وقتها الذي عين لها ببيان جبريل عليه السلام. كما أن أعداد ركعات كل صلاة موكولة إلى بيانه عليه السلام. ولعل الاكتفاء ببيان المبدأ والمنتهى في أوقات الصلوات من غير فصل بينها، لما أن الإنسان فيما بين هذه الأوقات على اليقظة. فبعضها متصل ببعض، بخلاف أول وقت العشاء والفجر فإنه باشتغاله فيما بينهما بالنوم، ينقطع أحدهما عن الآخر. ولذلك فصل وقت الفجر عن سائر الأوقات. انتهى.

والظاهر أن مستند من جوز الجمع في الحضر مطلقا هذه الآية مع أثر ابن عباس.

جاء في (رحمة الأمة) ما مثاله: وعن ابن سيرين أنه يجوز الجمع من غير خوف ولا مرض لحاجة. ما لم يتخذه عادة. واختار ابن المنذر وجماعة جواز الجمع في الحضر من غير خوف ولا مطر ولا مرض. انتهى.

وقد روى الشيخان «١» وغيرهما عن ابن عباس قال: صلى النبيّ صلى الله عليه وسلم بالمدينة سبعا وثمانيا: الظهر والعصر، والمغرب والعشاء.

ومن رواية لمسلم: صلى الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا، من غير خوف ولا سفر. وكثير من الرواة حملوا ذلك على ليلة مطيرة. والمسألة شهيرة.

الثاني: قلنا إن هذه الآية إحدى الآيات التي جمعت الصلوات الخمس، ومنها قوله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ [هود: ١١٤] ، فالطرف الأول صلاة الفجر فإن صلاة الفجر في النهار. فإن الصائم يصوم النهار. وهو يصوم من طلوع الفجر. والوتر تصلى بالليل

وقد قال النبيّ صلى الله عليه وسلم «٢» : صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا


(١) أخرجه البخاريّ في: مواقيت الصلاة، ١٢- باب تأخير الظهر إلى العصر، حديث رقم ٣٥٣ وأخرجه مسلم في: صلاة المسافرين وقصرها، حديث رقم ٥٥.
(٢) أخرجه البخاريّ في: التهجد، ١٠- باب كيف كان صلاة النبيّ صلى الله عليه وسلم، حديث رقم ٣١٤.
وأخرجه مسلم في: صلاة المسافرين وقصرها، حديث رقم ١٤٧. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>