للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : آية ٩٦]]

قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (٩٦)

قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ أي على أني بلغت ما أرسلت به إليكم، وإنكم كذبتم وعاندتم. وقرر الرازيّ أن المعنيّ بالشهادة هو الشهادة على رسالته عليه الصلاة والسلام بإعجاز القرآن. أي كفى بما أكرمني به تعالى من هذا المعجز، شاهدا على صدقي. ومن شهد تعالى على صدقه فهو صادق. فقولكم، معشر المشركين، بعد هذا، يجب أن يكون الرسول ملكا، تحكم فاسد.

وناقشه أبو السعود بأن ما قرره لا يساعده قوله تعالى بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وما بعده من التعليل. ثم قال أبو السعود. وإنما لم يقل بيننا تحقيقا للمفارقة، وإبانة للمباينة.

وقوله تعالى: إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً أي عالما بأحوالهم. فهو مجازيهم. وهذا تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيد للكفرة.

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : آية ٩٧]]

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً (٩٧)

وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ أي إلى الحق بما جاء من قبله إلى الهدى فَهُوَ الْمُهْتَدِ، وَمَنْ يُضْلِلْ أي يخلق فيه الضلال بسوء اختياره، كهؤلاء المعاندين فَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِهِ أي أنصارا يهدونهم ويحفظونهم من قهره، وإنما أوثر ضمير الجماعة في (لهم) حملا على معنى (من) وأوثر في ما قبله الإفراد، حملا على اللفظ. وسر الاختلاف في المتقابلين الإشارة إلى وحدة طريق الحق، وقلة سالكيه، وتعدد سبل الضلال وكثرة الضّلّال وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ أي يسحبون عليها كقوله يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ [القمر: ٤٨] وقال القاشانيّ: أي ناكسي الرؤوس لانجذابهم إلى الجهة السفلية! وعلى وجوداتهم وذواتهم التي كانوا عليها في الدنيا. كقوله (كما تعيشون تموتون وكما تموتون تبعثون) إذ (الوجه) يعبر به عن الذات الموجودة مع جميع عوارضها ولوازمها. أي على الحالة الأولى من غير زيادة ونقصان. وقوله تعالى عُمْياً وَبُكْماً

<<  <  ج: ص:  >  >>