للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصُمًّا

أي كما كانوا في الدنيا لا يستبصرون ولا ينطقون بالحق، ويتصامّون عن استماعه- فهم في الآخرة كذلك لا يبصرون ما يقر أعينهم، ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم، ولا ينطقون بما يقبل منهم وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى [الإسراء: ٧٢]- كذا في (الكشاف) مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ أي سكن لهيبها، بأن أكلت جلودهم ولحومهم زِدْناهُمْ سَعِيراً أي توقدا. بأن نبدل جلودهم ولحومهم، فتعود ملتهبة مستعرة.

قال الزمخشريّ: كأنهم لما كذبوا بالإعادة بعد الإفناء، جعل الله جزاءهم أن سلط النار على أجزائهم تأكلها وتفنيها. ثم يعيدها. لا يزالون على الإفناء والإعادة ليزيد ذلك في تحسرهم على تكذيبهم البعث. ولأنه أدخل في الانتقام من الجاحد.

وقد دل على ذلك بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : آية ٩٨]]

ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (٩٨)

ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً أي لمحيون خلقا جديدا، بإعادة الروح فينا، إذا تلف لحمنا وبقينا عظاما.

بل رقت عظامنا فصارت رفاتا. ثم احتج تعالى عليهم، ونبههم على قدرته على ذلك بقوله:

[القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الإسراء (١٧) : آية ٩٩]]

أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (٩٩)

أَوَلَمْ يَرَوْا أي يعلموا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ أي يوم القيامة. ينشئهم نشأة أخرى ويعيدهم كما بدأهم. والمعنى: قد علموا بدليل العقل أن من قدر على خلق السموات والأرض، فهو قادر على خلق أمثالهم من الإنس. لأنهم ليسوا بأشد خلقا منهن. كما قال: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ ولا الإعادة أصعب عليه من الإبداء. بل هي أهون.

قال الشهاب: ولا حاجة إلى جعل (مثل) هنا كناية عنهم. كقوله: (مثلك لا

<<  <  ج: ص:  >  >>